الجمعة، 8 فبراير 2008

سيرة ... وانفتحت

كتب يوم الأحد,كانون الثاني 08, 2006

بدأت كثير من الحكومات العربية في تنظيف بيتها ونشر غسيلها علنا وبالواضح المكشوف، وخاصة بعد مقدم سيدة العالم الأولى في فن التجميل والتنظيف الفاتنة (أمريكا)، وحلولها في قلب البيت العربي، ضيفة طفيلية ثقيلة (1) تتدخل في كل الشؤون، وتعرض خدماتها بسخاء حاتمي في فن الطبخ السريع، وفن ترتيب البيوت، وتقليم الأظافر، وفتح النوافذ، ورفع وخفض الستائر…
وقد صار مألوفا للمواطن العربي اليوم، أن يرى عبر وسائل الإعلام المتنوعة مشاهد الغسيل والتنجيد(2) والتمشيط بمختلف الألوان وبجميع أنواع التنظيف البارد والدافئ والجاف، وحتى المنسم بعطور الديموقراطية، وبأنغام الغزل، و بحلاوة الوعود المعسولة..

ربما، وحده، المواطن العربي المغلوب على أمره، ببساطته المعهودة حتى السذاجة أحيانا، وبحسه الشفاف الذي يشبه لون الماء النقي عند سفح الجبل، وبإحباطاته وبمعاناته في السر والعلن، يعلم أن كل مساحيق العالم لن تنفع في تطهير بيت الحكومات العربية بأعوانها المفسدين والمنتفعين والملوثين لسمعة البلاد والعباد، إلا بمياه الإخلاص تتدفق رقراقة من ذات أصيلة تستشعر العزة والورع، وتنصف مواطنيها قبل أن يطلب منها أن ُتنِْصفهم، وتُـعِزهم بالحسنى قبل أن تُـذَل أمامهم.

والآن، نقدم بعض الحكايات العربية القديمة في التنظيف اقتبسناها من (الرسالة القشيرية)، على سبيل الوفاء والذكرى. وقد يصلح العطار ما أفسده الدهر!!!

الحكاية الأولى:
( مر إنسان ببعض الصالحين، فجمع ذلك الشيخ ثيابه، فقال له الرجل: لم تجمع ثيابك، ليست ثيابي نجسة؟! فقال الشيخ: وهمت في ظنك، ثيابي هي النجسة، جمعتها عنك لئلا تنجس ثيابك،لا لكي تنجس ثيابي.)

الحكاية الثانية:
( قال علي العطار: مررت بالبصرة في بعض الشوارع، فإذا مشايخ قعود وصبيان يلعبون، فقلت: أما تستحون من هؤلاء المشايخ؟! فقال صبي من بينهم: هؤلاء المشايخ قل ورعهم فقلت هيبتهم).

الحكاية الثالثة:
(رهن أحمد بن حنبل، رحمه الله، سطلا عند بقال بمكة، حرسها الله تعالى، فلما أراد فكاكه أخرج البقال إليه سطلين. وقال: خذ أيَّهما هولك. فقال أحمد: أشْكل علي سطلي، فهو لك والدراهم لك.
فقال البقال: سطلك هذا، وأنا أردت أن أجربك، فقال: لا آخذه. ومضى وترك السطل عنده).

الحكاية الأخيرة:
( كان حسان بن أبي سنان لا ينام مضطجعا، ولا يأكل سمينا، ولا يشرب ماء باردا ستين سنة. فرؤي في المنام بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: خيرا، إلا أني محبوس عن الجنة بإبرة استعرتها فلم أردها).
—————
هامش:
(1) ، يراجع حديث الثقلاء ، في إدراج سابق
(2) ، التنجيد: التزيين، والنجاد: الذي يعالج الفرش والوسائد

ليست هناك تعليقات: