السبت، 16 فبراير 2008

عندما ينقطع مـَدَدُ السماوات الافتراضية

كتب في فبراير 6, 2008

قد يصبح من العسير على إنسان هذا العصر أن يمضي يوما واحدا من أيامه العادية على بياض افتراضي عند انقطاع حرارة الاتصال الإلكترونية البرية أو البحرية أو الجوية لخلل ما في الخطوط أو لعطب ما في المصدر، فما بالنا إذا استمر هذا الانقطاع أياما عديدة متقطعة أو متواصلة… !!

فمن أكثر الأمور اعتيادا أن يأخذ أحدنا مقعده بجوار الكمبيوتر ليبدأ رحلة تحليق افتراضي قصيرة، عند العزم الأول، لكنها ما تلبث أن تطول وتطول حتى تذهله عن نفسه وعن الوجود. وقد لا يعود له حسه الواقعي بالأشياء وبما حوله إلا على نداء الواجب المنبعث من نفسه أو من أقرب الناس إليه لينتبه في آخر لحظة إلى حلول المواعيد المقررة المعلومة للعمل أو الدراسة أو الأكل أو لقضاء مختلف الحاجات أو حتى لأخذ قسط من الراحة والنوم، وهذا بعد أن يأخذ منه الجهد والإرهاق الإلكتروني ما لا يقدر أن يُخفي أثره على الناس…

وإذا كان هذا حالنا كأفراد ذاتيين، في تعلقنا وارتباطنا بالعوالم الافتراضية، فما بالنا بالأشخاص المعنويين وبكبريات الشركات والمؤسسات التي تتكون في معظمها من حواسيب ومعلومات رقمية متدفقة على مدار الساعة عبر شبكة الاتصالات…

وكنت لفرط ثقتي العمياء بالعوالم الافتراضية القصية أعتقد أن تلك العوالم حرة ثابتة على الدوام لأنها معلقة في مكان ما آمن بين السماوات والأرض من غير حاجة إلى سقوف أو دعائم أو حبال واهية تشدها إلى واقع حياتنا الآدمية.

غير أن أحداث انقطاع حبال الإنترنت البحرية في خليجي مصر والإمارات وما نتج عن ذلك من ارتباك وتوقف في حركة تدفق المعلومات الرقمية، ومن هبوط حاد في حركة الزوار والمتصفحين في كثير من الدول العربية أعادني إلى جادة الصواب وإلى الحقيقة الواقعية المرة؛ وهي أن وراء تلك الشبكة العنكبوتية المعلقة في تلك السماوات الافتراضية غير المعلومة بنية أخرى حقيقية من الخيوط الدقيقة والحبال المعلومة والمنظورة، وأنها معرضة في أي وقت للتمزق والتلف مثل أي شريان دموي يمكن أن يحكم عطبه الطارئ على نبض الحياة في أجسامنا الضعيفة الواهية بالشلل أوالموت.

ليست هناك تعليقات: