الخميس، 14 فبراير 2008

حقيقة التقويمين: الهجري والميلادي

كتب يوم الأحد,كانون الثاني 21, 2007

يبدأ اليوم في المغرب، كما في البلدان العربية ( مع قياس فارق رؤية الهلال طبعا )، عام هجري جديد. مطلعه فاتح محرم الحرام من عام 1428، ويوافق يومه الأحد/ 21 كانون الثاني يناير 2007.
فكل عام والأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها بخير.

والملاحظ أن المدة التي تفصل السنة الهجرية عن السنة الميلادية هذا العام تقدر بنحو 21 يوما فقط، وبعد عامين من الآن ستقترب بدايتهما من الاتحاد، فما هو السبب في هذا التقارب والتباعد بين التقويمين الهجري والميلادي؟؟

طبيعة الاختلاف بين الأيام الشمسية والأيام الهلالية:
السبب في ذلك التباعد حينا والتقارب حينا آخر هو أن التقويم الميلادي أو الشمسي يتبع تعاقب أيام السنة الشمسية. وأيام السنة الشمسية كما ذكر أهل الزيج والفلك هي المدة التي تقطع فيها الشمس الفلك في دفعة واحدة؛ وهي ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم تقريبا أي : 365,25 . وهذا ما تقتضيه حركة الشمس في دورتها الفلكية.

أما التقويم الهجري أو الهلالي فيتبع تعاقب أيام السنة الهلالية. وأيام السنة الهلالية هي المدة التي يقطع فيها القمر الفلك في اثنتي عشرة دفعة؛ وهي ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وسدس يوم أي: 354.166.

فيكون التفاوت بينهما أحد عشر يوما وسدس يوم أي: 11.166.
وتكون زيادة السنين الهجرية أو الهلالية على السنين الميلادية أو الشمسية في كل ثلاث سنين شهرا واحدا وثلاثة أيام ونصف يوم تقريبا، وسنة واحدة في كل ثلاث وثلاثين سنة بالتقريب.
فيكون فارق السنوات بين التقويمين الآن هو: 579 عاما.
وقد كان هذا الفارق عند ابتداء التاريخ الهجري عند المسلمين يقدر بنحو 622 عاما. وهكذا فقد تقلص الفرق بنحو 43 عاما. وسيتواصل هذا التقلص تدريجيا حتى يتساوى التقويمان في العدد، ثم يبدأ التقويم الهجري في تجاوز التقويم الميلادي في الحقب البعيدة القادمة….

في معنى السنة، والعام، والحول:
يقال: السنة، والعام، والحول؛ وكلها بمعنى واحد. وقد نطق القرآن بالأسماء الثلاثة قال تعالى: “فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ً” العنكبوت/ 14، فأتى بذكر السنة والعام في آية واحدة. وقال جل وعز: “والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين”، البقرة/ 233.

وقد تختص السنة بالجدب والعام بالخصب، وبذلك ورد القرآن الكريم في بعض الآيات قال تعالى: “ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون” يوسف/ 49، فعبر بالعام عن الخصب. وقال جل ذكره: “ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات” الأعراف/ 130، فعبر بالسنين عن الجدب.

على أنه قد وقع التعبير بالسنين عن الخصب أيضاً في قوله تعالى: “قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله”، يوسف/ 47،
أما الحول فإنه يقع على الخصب والجدب جمعاً.

في حقيقة السنة والنسيئ:
السنة على قسمين: طبيعية واصطلاحية:
أما الطبيعية فهي القمرية وأولها استهلال القمر في غرة المحرم، وآخرها سلخ (نهاية) ذي الحجة من تلك السنة. وهي اثنا عشر شهراً هلالياً قال تعالى: “إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض”. التوبة/ 36، وعدد أيامها ثلاثمائة يوم وأربعة وخمسون يوماً وسدس يوم تقريباً كما أوضحنا سابقا.

ويجتمع من هذا السدس يوم في كل ثلاث سنين فتصير السنة ثلاثمائة وخمسة وخمسين يوماً، ويبقى من ذلك بعد اليوم الذي اجتمع شيء، فيجتمع منه ومن خمس اليوم وسدسه في السنة السادسة يوم واحد، وكذلك إلى أن يبقى الكسر أصلاً بأحد عشر يوماً عند تمام ثلاثين سنة، وتسمى تلك السنين كبائس العرب.

قال السهيلي: كانوا يؤخرون في كل عام أحد عشر يوماً حتى يدور الدور إلى ثلاث وثلاثين سنة فيعود إلى وقته، فلما كانت سنة حجة الوداع وهي سنة تسع من الهجرة عاد الحج إلى وقته اتفاقاً في ذي الحجة كما وضع أولاً، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الحج، ثم قال في خطبته التي خطبها يومئذ: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض” بمعنى أن الحج قد عاد في ذي الحجة.

أما الاصطلاحية فهي الشمسية: وشهورها اثنا عشر شهراً كما في السنة الطبيعية إلا أن كل طائفة راعت في أشهرها زيادة في الأيام إما جملة واحدة وإما متفرقة وسمتها نسيئاً.

وعدد أيامها عند جميع الطوائف من القبط، والفرس، والسريان، والروم، وغيرهم ثلاثمائة يوم وخمسة وستون يوماً وربع يوم.

فإذا انقضت ثلاث سنين متواليات جمعوا الأرباع الثلاثة الملغاة إلى الربع الرابع فيجتمع منها يوم واحد، فيضيفونه إلى شباط، فيصير تسعة وعشرين يوماً.

وقد نظم الشيخ إبراهيم الدهشوري التقويم الميلادي في أبيات ابتدأ ها بأيلول، على غير العادة فقال:
وابدأ بأيلول من الـسـريانــــــــي
تشرين الأول يتبعنه الثـانـي
كانون كانون شبـاط يطـلـــــــــع
آذار نـيسـان أيار يتـبــــــــع
ثم تبارك الرحمن يهدي من أحب
حـزيران وتـمــــــــوز وآب

كما نظم الشيخ أبو عبد الله الكيزاني أبياتاً ذكر فيها الأشهر الميلادية التي منها ثلاثون يوماً والناقصة عن الثلاثين ولم يتعرض للزائدة على الثلاثين، وهي هذه:
شهور الروم ألوان
زيادات ونقصـــــان
فتشرينهـــــم الثان
وأيلول ونيســـــــان
ثلاثون ثلاثـــــــون
ســـــواء وحزيران
شباط خص بالنقص
وقدر النقص يومان

فسبحان الله مكور الليل والنهار ومسير الأفلاك والأجرام وفق نظام متقن بديع.
———–
هامش:
عن (مواد البيان) و (صبح الأعشى) بتصرف شديد.

ليست هناك تعليقات: