السبت، 16 فبراير 2008

عود على بدء، مرة ثالثة


كتب في ديسمبر 30, 2007

بعد ساعات معدودة ستطوى صفحة أخرى من سنوات عمرنا. أعاد الله علينا سائر الأيام والأعوام بالخير واليمن والسلام.

ونحن على مشارف بداية سنة ميلادية أخرى جديدة بدأ جميع المواطنين العرب في جرد حصاد الموسم الماضي؛ ما تم إنجازه وما لم يتم، ما بني وما هدم، من ربح ومن خسر، من مات حتف أنفه ومن قصف ومن نجا، ومن ومن …وذلك قبل أن تطوى جميع محاضر السنة القديمة وتحال على أرشيف الزمن .. !

وبين شنق صدام حسين في مثل هذا التوقيت عند متم السنة الماضية بقليل، واغتيال بينظير بوتو في نفس التوقيت تقريبا عند متم السنة الحالية، مسافة سنة كاملة تختزل حقيقة وضعنا العربي والإسلامي لتطرح مرة أخرى نفس الأسئلة الاستفهامية المريبة عن حالنا هذا: لم، وكيف، وإلى متى.. ؟ !

وبين هذين الحدثين المثيرين أيضا تكمن تفاصيل أزمة أمة كبرى من المحيط إلى الخليج نالت خلالها الشعوب العربية والإسلامية نصيبها الأكبر من الموت والفقر والجوع والقهر بما يفوق طاقتها وزيادة..

ولولا حقيقة هذا الوضع العربي المزري لما كانت لنا هناك حاجة إلى هذا الإدراج ولا حتى إلى قناتي العربية والجزيرة اللتين صار حالهما أشبه ما يكون بحال الضباع الجائعة حين تنتعش بنهش الجيف والأشلاء.

يخيل إلي وكأن تاريخنا الحديث ما عاد يكتب إلا من خلال نشرات الأخبار لقناتي العربية والجزيرة وما يتخللهما على مدار الوقت العربي الضائع، من أحداث ومشاهد دموية.

وأنت تقرأ سطور تاريخ أمتنا العربية والإسلامية من فجر تاريخها إلى اليوم قد يتكون لديك نفس الانطباع الذي تتركه فيك نشرات الأخبار العربية أيضا، وكأننا أمة سيزيفية تعشق الموت وقتل الفراغ بالهدم.

هناك خلل مزمن ناشب في علاقة الشعوب العربية بساستها وحكامها يجعل وضعهما أيضا أشبه ما يكون بعقدة المنشار أو عنق الزجاجة؛ فلا الشعوب العربية تستسيغ حكامها إلا على طريقة بلع السم الزعاف أو تجرع الدواء المر، ولا الحكام يستسيغون شعوبهم إلا من طرق الترغيب والترهيب الملتوية، أو بفصل الأعناق وقطع دابر الخلاف بحد السيف.

وهذا الوضع المريب هو الذي يحول دون تحقيق راحة الشعوب العربية التي طالما تحدثنا عنها في إدراجاتنا، ويسبب لها في كل يوم مزيدا من الآلام والأوجاع.

إن راحة الشعوب مظهر من مظاهر صحتها، وحافز كبير لها على العطاء والعمل دونما حاجة إلى التحايل والغش أو القفز السريع على الرقاب. وهو ما يحسه المريض في أعماقه، كحالة فردية، عندما يتطلع في حزن وأسف وانكسار إلى عيون الأصحاء. وهو ما قد نشعر به معشر المواطنين العرب، كحالة جماعية عندما نتطلع إلى اليابانيين وهم يتحركون في شوارع طوكيو بهمة النمل العالية، أو حتى إلى الشعوب الاسكندينافية التي لا يكاد يسمع لها أدنى حس في نشرات الأخبار الدولية.

وقد يحتاج المدونون العرب اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى رفع درجة حدة الخطاب لإثارة الانتباه وللاحتجاج والغضب، ولكن عليهم قبل كل شيء أن يضعوا بأعلى مدوناتهم عبارة تحذيرية تقول: ( هذه المدونة قد تكون معرضة في أي وقت للتدمير أوالحجب ).
——-
إدرجات ذات صلة:
عود على بدء (2)
بعض أشجان العيد والعام الجديد (2)

ليست هناك تعليقات: