الجمعة، 15 فبراير 2008

المدونات العربية التقنية؛ بين الصرامة الموضوعية والخصوصية الذاتية

كتب يوم الجمعة,كانون الأول 07, 2007

ربما اعتبرت المدونات العربية التقنية من بين أكثر المدونات ارتباطا بالعلوم التقنية الحديثة، واحتراما لقواعد الكتابة الوضوعية من غير أن تفتقد أيضا للشروط الذاتية الخصوصية.
وقد لا أبالغ إذا قلت: إن أول من فتح أعيننا على عوالم التدوين الفسيحة نخبة من الشباب العرب الذين بادروا إلى إنشاء أولى المدونات العربية منذ مدة غير بعيدة، وقد لا تزيد عن خمس سنوات.

وقد تم لهم ذلك بعد أن كونوا لأنفسهم معرفة نظرية عميقة متخصصة بمنظومة البرامج التقنية وخبرة عملية بإدارة الحاسوب وهندسته، وفن تصميم المواقع.

ولأن الخبرة المعلوماتية في جوانبها العلمية المعقدة المتشعبة تقتضي معرفة باللغات الأجنبية لمواكبة كل المستجدات الضرورية في هذا المجال الحيوي الذي تغلغل في صميم الحياة البشرية المعاصرة واستحوذ عليها في كل صغيرة وكبيرة، فقد قام هؤلاء المدونون التقنيون بمجهود جبار في مجال التعريف بكثير من القوالب والأنظمة المعلوماتية العالمية بعد ترجمتها إلى اللغة العربية.
بل لقد كان لهم إسهام واضح في مجال تعريب تلك القوالب والأنظمة نفسها لتيسير استعمالها على بقية المستعملين العرب العاديين ممن ولجوا عوالم التدوين لاحقا إما عن إرادة واختيار أو نتيجة العدوى الافتراضية، أو حتى لمجرد الفضول والتطفل والتشويش.

ومع أنني لا أملك الخبرة الكافية لمناقشة المحتوى التقني لتلك المدونات التقنية بحكم غياب الاختصاص لدي، غير أني لا أستطيع أن أقاوم انجذابي إليها للأسباب الموضوعية التالية:

- وحدة النسق العام.
- الدقة اللغوية الاصطلاحية
- جمالية التصميم مع تطابقه لمحتوى المدونة ولرغبات المدون التقني ولتطلعاته المتجددة في كل يوم.
- التحكم الفعال والمرن في الإعدادات
- كثرة الارتباطات التشعيبية والإحالات المرجعية التقنية المفيدة
- العمل باستمرار على كشف الثغرات في التصميمات والقوالب، وفي أنظمة التصفح والحماية، حتى ينتبه إليها الجميع.

وعلى العموم فإن البنية العامة للمدونات العربية التقنية تظهر عليها ملامح القوة والتماسك. هذا فضلا عن اللمسات الشخصية المضافة لكل مدون. وتلك اللمسات تختلف من شخص لآخر، كل حسب خبرته وحسب مبلغ علمه من هذا الفن التقني العجيب الذي يتجدد على مدار الساعة، وغير ذلك من الجوانب الإيجابية التي لا أستطيع في هذه العجالة أن أدعي المعرفة الشاملة بها، وإنما أتركها لذوي الاختصاص، إن أرادوا أن يسهموا معنا في مزيد من الشرح والتوضيح من أجل نشر وعي حقيقي بعمل التدوين المسؤول، ولتلميع صورته عند من لا زالوا ينتقصون من قدر التدوين، أو يسيئون إليه جملة وتفصيلا بما ينشرونه من لغو وعبث وحزعبلات….

ولعل أعظم ميزات المدونات التقنية أنها توفر على أصحابها على الأقل إكراهات الاستضافة المجانية وشروطها المجحفة. ومن أكثر هذه الشروط غياب القدرة الجزئية أو الكلية على التحكم في الإعدادات أو في أنظمة القوالب النمطية الجاهزة للاستعمال المجاني فقط…

هذا فضلا عن الإحباطات التي تصيب المدون المنتسب، في كثير من الأحيان، عندما يتعذر عليه الولوج إلى مدونته بسبب ذريعة التحيين أو الصيانة، أو بسبب انقطاع الخط من المصدر.

وتبقى أكثر المخاوف والهواجس المسيطرة على عقله ومشاعره أن يفيق ذات صباح فيكتشف أن مدونته قد حذفت نهائيا وصارت أثرا بعد عين.
وقد حدث هذا معي مرة واحدة، عندما جربت موقع بلوغ جاهز المغربي، حيث تم حذف نسخة من مدونتي هذه (كلمات عابرة)، ولم أتمكن من استرجاعها أو حتى فهم الأسباب المقنعة لكشطها، ولا زال مكان حذفها أبيض شاغرا حتى اليوم بعد أن كان يتصدرالواجهة، في المفضلة، بين مدونتي: بريد تطوان ومشروع ألف بالراشيدية.
فإننا لله وإنا إليه راجعون…ورحم الله سائر المدونات المجانية التي قد تسقط في الفراغ الأنترنيتي من ثقوب الشبكة العنكبوتية لتضيع عبثا كأوراق الخريف…

ليست هناك تعليقات: