الجمعة، 15 فبراير 2008

حادث عبور فضائي

كتب يوم الأربعاء,تشرين الثاني 07, 2007

لم يزدحم بعدُ فضاء سمائنا البعيد بالأقمار الاصطناعية السابحة إلى نفس الدرجة التي تشهدها طرقنا البرية والبحرية المكتظة بالمراكب والعربات.

فمنذ الرابع من أكتوبر من سنة 1957 إلى الخامس من أكتوبر 2007، وعلى امتداد نصف قرن، تمكن الإنسان بفضل تقدمه التكنولوجي من إرسال مئات من الأقمار الاصطناعية، ووضعها بنجاح في مدارها حول كوكب الأرض.

ولا يخفى على أحد الدور الذي تقوم به هذه الأقمار في بث المعلومات الرقمية وتدوالها عبر شبكات الاستقبال والاستشعار الأرضيية الخاصة والعامة.

وفي الشهر الماضي شهدنا حدثين مميزين لهما صلة بهذا الموضوع.
الحدث الأول: هو الذكرى الذهبية الأولى لإطلاق أول قمر اصطناعي فضائي؛ إذ تم في الرابع من شهر أكتوبر من سنة 1957 إطلاق القمر الروسي الأول (sputnik 1)، وبعد مرور شهر واحد فقط تم إطلاق القمر الروسي الثاني من نفس السلسلة (sputnik 2).

ثم توالت بعدها سلا سل عديدة من الأقمار الاصطناعية الدولية متعددة الأهداف والبرامج، ولم يعد مدارها مقتصرا على كوكبنا الأرضي بل تجاوزه إلى ما يحيط بنا من نجوم وكواكب ونيازك.

أما على المستوى العربي فقد تأخر إطلاق أقمارنا الاصطناعية بما يزيد عن ربع قرن، بحيث لم يتم وضع القمر العربي الأول (arabsat 1d) في مداره الصحيح إلا في حدود الثامن من شهر نونبر من عام 1984، ثم ألحق به القمر الثاني (arabsat 1a)، والثالث (arabsat 1b) بالتتابع في السنة الموالية أي: 1985.

ثم أُتبعت هذه السلسلة بالقمر (arabsat 1c) سنة 1992، وبالقمر( arabsat 2a)، و (arabsat 2b) سنة 1996.

لتأتي بعدها سلسلة الأقمار الاصطناعية من جيل (nilesat)؛ حيث تم إطلاق القمر(nilesat 101) سنة 1998، ثم سلسلة القمر (badr 2) ثم القمر (badr 3) سنة 1999.

ثم القمر(nilesat 102) سنة 2000، ثم أخيرا القمر (badr 4) سنة 2006

وقد تعاونت هذه الأقمار المذكورة أعلاه على تعميم البث الإذاعي والتلفزيوني على امتداد رقعة الوطن العربي من شرقه إلى غربه إلى درجة أصابت المشاهد العربي بالتخمة التلفزيونية الفضائية المزمنة بعد دخولنا مرحلة الاستهلاك التجاري الفضائي العمومي والمخوصص، المفتوح والمشفر.

وكل تلك التخمة قد جاءت دفعة واحدة بعد مرحلة طويلة من المعاناة الشديدة المزمنة جوعا وخصاصة أيضا مع برامج التلفزة العربية الأرضية المحتكرة من قبل حكوماتنا ووزاراتها الوصية في الأمن والداخلية.

أما الحدث الثاني الهام الذي أريد أن أشير إليه والذي تزامن أيضا، ولسوء الحظ، مع الذكرى الذهبية الأولى لإطلاق (سبوتنيك) الروسي فهو الحادث المأساوي الذي ألم بالقمر الاصطناعي (arabsat 2b )في مداره، الواقع على الدرجة: 30.5 شرقا.

فقد تعرض هذا القمر الاصطناعي العربي لعطب تقني جعله ينحرف عن مساره الصحيح ببضعة درجات جعلت إشارته تغيب نهائيا عن المشاهدين العرب الذين يتابعون برامجهم التلفزيونية على هذا القمر.

ولم يتمكن التقنيون والمراقبون لمسار هذا القمر من التغلب على مشاكله التقنية، وإعادته إلى مساره الصحيح إلا بصعوبة شديدة استغرقت ثلاثة أيام متواصلة من العمل.

وربما يكون هذا القمر قد تعرض إلى أضرار جسيمة في أجهزته بسبب هذا الحادث الفضائي الذي ألم به، فقد عادت بعض إشاراته للعمل واختفت أخرى نهائيا، كما تبين من متابعتي الشخصية من نقطة الالتقاط لإشارته بالمغرب…

صحيح أن كل الأقمار الفضائية الاصطناعية العالمية لها عمر افتراضي محدود لا يتجاوز عقدين من الزمن على أكبر تقدير ممكن، ولها نظام تحكم ذاتي يمكنها من تصحيح مسارها بين الفينة والأخرى، كما يمكن التحكم فيها عن بعد عبر أجهزة الاستشعار والمراقبة الخاصة بالشركات المصنعة.

غير أن ما ألم بقمرنا الاصطناعي العربي الذي لم يستنفذ بعد عمره الافتراضي قد طرح أسئلة كثيرة لازال أكثرها معلقا.
وأخطر تلك الأسئلة وأشدها حرجا أن يكون نظام التحكم في قمرنا المذكور قد تعرض إلى اختراق أو قرصنة مكنت الغير من العبث به وتحويل مساره أوتعطيل بعض أجهزته، الأمر الذي قد يستشعر معه المواطن العربي مزيدا من الخوف والقلق على مصير بقية الأقمار الاصطناعية العربية الحالية والمستقبلية، بل ربما على مصير أجهزة استقباله وعلى صحونه الهوائية المستعملة عندما تغيب عنها الإشارات الفضائية لتصبح عديمة الفائدة والأهمية…

أولم يكفنا ما تعانيه أمتنا العربية في مشرقها ومغربها من اختراق على مستوى مجالاتنا البرية والبحرية والجوية القريبة لأهداف استعمارية استنزافية أو أغراض استراتيجية..، ليمتد هذا الاختراق حتى إلى الأجواء الفضائية البعيدة…؟؟!!

ليست هناك تعليقات: