الخميس، 14 فبراير 2008

فضل اللغة العربية عند العجم

كتب يوم الجمعة,آذار 09, 2007

ليس هناك من اشتغل من العجم بالعربية إلا وفضل اللغة العربية، والأمثلة على ذلك كثيرة.
ومن ذلك: أن أبا علي الفارسي، والزمخشري والخوارزمي وغيرهؤلاء الأعلام الأعاجم الأفذاذ عدد هائل لايحصى، لما اشتغلوا بالعربية وذاقوا حلاوتها، هاموا بها وفتنوا بمحاسنها، وأفنوا الليالي والأيام في تحصيلها، والتأليف فيها وفي علومها وفنونها وآدابها وقواعدها النحوية والبلاغية والعروضية.
ومن المستحيل أن يكون هؤلاء القوم قد اجتهدوا كل هذا الاجتهاد في العربية وأفنوا مدة عمرهم في دراستها دون أن يتمكن منهم حبها وعشقها. فالأولى بهم وبكل عاقل الاشتغال بالأحسن والأفصح والأبلغ والأحكم والأكمل. فهمة النفس في العادة تتوق إلى ما فوق، ولا تتنتكس أو تنكص إلى خلف إلا لعلة مرضية أو لحاجة اضطرارية.
ولو علم هؤلاء القوم أن اللغة الأعجمية لها نفس القيمة والأفضلية التي اكتشفوها في اللغة العربية ما عرجوا على العربية كل هذا التعريج، والمكوث عند أطيافها وظلالها ردحا طويلا من عمرهم، ولكان الآولى بهم أن يلموا بها إلماما خفيفا ثم يعودوا إلى لغتهم الأم.

ومن بعض الكلمات أو الشهادات الخالدات التي سجل بها الأعاجم فضل اللغة العربية وعلو شأنها نقتطف ما يلي:
قال الزمخشري: (فرقك بين الرُّطب والعجم، فرق بين العرب والعجم).
وقوله أيضا: (العرب نبـْعٌ صُلب المعاجم، والغـرْبُ مثلٌ للأعاجم).
فانظر إلى الزمخشري كيف جعل العرب رُطبا لفضيلته عند العرب كمصدر قوي لتغذية الجسم والعقل والعجم عجما. والعجم بتحريك الجيم هو النوى. وهناك فرق شاسع بين التمر والنوى.
ثم انظر إليه كيف جعل العرب مثل شجر النبع، وهو صلب تتخذ منه القسي، وجعل العجم مثل شجر الغرب، وهو رخو سريع الانكسار كنبات الخروع الذي سبق لنا أن تحدثنا عنه في بعض إدراجاتنا.

لقد بلغ ولع الأعجم باللغة العربية إلى حد المباهاة بتعلمها. فهذا الخوارزمي وهو فارسي الأصل يقول: ( والله لأن أهجى بالعربية خير لي من أن أمدح بالفارسية).

فأين نحن اليوم ـ أبناء اللغة العربية ـ من هؤلاء القوم، وأين همتنا من همتهم في العناية بها ومقاومة عمليات النحت والتآكل التي تتعرض لها اليوم…؟؟ !!.

وليس ذلك فقط من السيول والتيارات الجارفة القادمة من بعيد، وإنما حتى من معاول الهدم الداخلية، إما جهلا وإما تقصيرا وإما عقوقا.

ليست هناك تعليقات: