السبت، 16 فبراير 2008

بياض الثلج وسواد القلوب

كتب في فبراير 1, 2008

في سابقة مناخية نادرة الحدوث عرفت منطقة الشام والهلال الخصيب تساقطات ثلجية كثيفة، وقدم رجل الثلج الأبيض المتوسط من بلاد الغمام والضباب ليمسح بفرشاته السحرية على أديم سوريا والأردن ولبنان وفلسطين وليحكم عليها جميعا بوحدة اللون والمصير والبياض.

ما أثارني في هذا الموضوع الطريف أكثر، هو ما عبر عنه المستجوبون في الشارع العمومي لهذه البلدان بتلقائية أمام ميكرفونات الإذاعات والتلفزيونات العربية المحلية والقطرية من ابتهاج عن حرارة مشاعرهم المفعمة ببرودة اليأس والإحباط، وما تمنوه من الأماني الساسية الحالمة البيضاء في أن يكون هذا الثلج الحسن المبارك عامل تنقية للقلوب العربية من الضغينة والحقد والفرقة والخلافات البينية، لتنتقل إلى التكتل والاتحاد في صفوف متراصة كالحبات الثلجية.


وأنا من فرط سذاجتي وقلة خبرتي بجغرافية المناخ السياسي، كنت أعتقد أن غياب الوحدة من حياتنا العملية والإستراتيجية يرجع إلى علل كامنة فينا. وقد تبين لي الآن بالدليل الطبيعي القاطع أنه فقط متوقف على بعض الأعطاب المناخية السطحية.

وإذن، فاللهم وحد دولنا العربية بلون بياض الثلج من الخليج إلى المحيط، ومن بغداد إلى تطوان، حتى تنطفئ عندنا بالبرد والصقيع جمرة الثأر والحمية والطائفية، وتنكمش كل الغدد المرضية المنتفخة والزائدة؛ الخُلقية قبل الخِلقية…!!

ليست هناك تعليقات: