الخميس، 14 فبراير 2008

عاشوراء المغربية

كتب يوم الثلاثاء,كانون الثاني 30, 2007

أهل المغرب الأقصى، وأنا منهم، وإن شط بهم المزار عن العتبات الحسينية المقدسة المشهورة في العراق وإيران لهم نصيب لا يستهان به من الاحتفالات ( العيشورية )، بلغة المغاربة.

ولكن، ليس إلى درجة التمادي في إقامة طقوس النوح واللطم على الخدود والصدور، وشق الرؤوس بالفؤوس على نحو ما تظهره الصور القادمة إلينا من العراق وإيران ولبنان.

وإذا ما استثنينا تقاليد رش المارة في الشوارع بالماء في يوم عاشوراء، ولجوء بعض النساء إلى ممارسة طقوس السحر والشعوذة، وميل بعض الفرق الصوفية القليلة إلى التماهي بطقوس عاشوراء المشرقية وخاصة لدى فرقتي حماتشة وعيساوة المشهورتين في منطقة مكناس خاصة فإن الاحتفال بيوم عاشوراء لدى معظم المغاربة يبقى حدثا دينيا عاديا في هذه الأيام. ولا يكاد يتميز إلا ببعض طقوس الأكل وطقوس لعب الأطفال.

فليوم عاشوراء لدى المغاربة، كما كل مناسبة دينية، طقوس أكل خاصة، وتتمثل بالكسكس العيشوري الذي يعد ببقايا لحم عيد الأضحى المقدد، وتقديم أطباق الفواكه اليابسة المنوعة الممتزجة بحبات حلوى (القريشلات) مع الشاي المنسم بالنعناع وببعض الأعشاب البرية الطرية.

وأجمل ما في عاشوراء المغربية طقوس الأطفال في احتفالهم باللعب.
ويمثل تاريخ احتفال الأطفال بهذه باللعب العيشورية تاريخا لتطور هذه الألعاب في حد ذاتها، حسب ما تتيحة الإمكانيات الذاتية في كل جهة مغربية، وفي كل قرية أو مدينة.

فقد كانت أجيال الأطفال الماضية تصنع لعبها بيدها، وكانت مواسم عاشوراء فرصة للتجريب والاختراع في فن صناعة اللعب؛ فالفتيات يتبارين في صنع الدمى من القصب وبقايا الأقمشة والخيوط، أما الفتيان فكانوا يتبارون في صنع العجلات والعربات من نفايات الأسلاك وخرذوات البلاستيك والقصدير.

ولعل ما يميز عاشوراء المغربية أنها تحولت إلى احتفال طفولي بامتياز، بعيدا عن الصراعات المذهبية والطائفية التي تتأجج في كثير من جهات العالم الإسلامي في هذا اليوم، وخاصة بين الطوائف السنية والشيعية المغالية.

ففي هذا اليوم تعبر الطفولة المغربية عن حسها الإبداعي في شكل أداء جماعي في الساحات الفسيحة وعند نواصي الشوارع. رغم ما يقد يشوب تلك الألعاب أحيانا من عنف، وخاصة عند ليلة عاشوراء التي تسمى لدى الأطفال ب( الشعالة) التي توقد فيها النيران المتوهجة العظيمة.

أما اليوم، فقد بدأ نمط الحياة العصرية يلقي بثقله على تلك الطقوس العيشورية القديمة، وبدأ يغيب ذلك الحس الإبداعي عند الأطفال الجدد في إعداد لعبهم، بعدما صارت تأتي إليهم جاهزة تبهر الأنظار بألوانها وأحجامها وتقنياتها العالية، ولكن عليها علامة تجارية مسجلة صينية أو تايوانية…
———–
إدرجات قديمة ذات صلة:
على هامش يوم عاشوراء.

ليست هناك تعليقات: