الخميس، 14 فبراير 2008

مسافات الصمت والكلام ، مرة ثانية

كتب يوم الخميس,كانون الثاني 04, 2007

وأنا أقلب في زوايا هذه المدونة البعيدة وجدت هذا الإدراج القصير. وكنت قد كتبته في السنة الماضية بمناسبة عيد الأضحى المبارك.

فأحببت أن أعيد نشره في نفس المناسبة من هذا العام، وأن أجدد عهد قراء هذه المدونة ببعض تدويناتي القديمة المركونة في الرفوف البعيدة، وأن أنفض عنها بعض غبار الإهمال والنسيان.

وتلك إحدى عيوب التدوين؛ لأن جديده يغطي دوما على قديمه، ولأن عيون القراء تبقى دائما مركزة على التواريخ الجديدة للإدراجات، أما تلك القديمة فربما تكون قد فقدت كثيرا من بريق الطراوة وبعضا من مقومات الصلاحية والجاذبية، مما يجعل تدويناتنا أشبه ما تكون بالكائنات البحرية السمكية.

والذي أوحى إلي أكثر بإعادة نشر هذا الإدراج حلقة الأمس الثلاثاء 2 كانون الثاني/ يناير 2007 من برنامج (الاتجاه المعاكس)، على قناة الجزيرة الفضائية، التي تحولت إلى مجزرة كلامية بامتياز، وانقلب أسلوب الحوار فيها إلى معاول لنبش القبور والتنكيل بالجثث المصلوبة والمشنوقة…

وإليكم هذا الإدراج القديم الجديد، مع بعض التعديلات الطفيفة:
دعي إبراهيم بن أدهم إلى دعوة. فلما جلس أخذ الناس في الغيبة، فقال:
( عندنا يؤكل اللحم بعد الخبز، وأنتم ابتدأتم بأكل اللحم )…

أدرجنا هذا الخبر بمناسبة عيد الأضحى المبارك حيث يكثر استهلاك اللحوم الحيوانية، على غير العادة.

ورغم وفرة اللحوم الكبشية المطبوخة على الموائد في أيام العيد، فقد تتحرك شهوة الآدميين أكثر إلى اللحوم البشرية النيئة، فيزدرد بعضهم بعضا بالغيبة والنميمة، ولا يكتفون بالأحياء فقط، بل ينبشون المقابر ويبعثون الجثث والرمم من تحت التراب…

وقد أراد إبراهيم بن أدهم، من خلال قوله هذا، أن ينبهنا إلى الحدود المعقولة بين مسافات الصمت والكلام؛ وتلك المسافات تقوم بين عقل الإنسان ولسانه عندما يهم بالكلام…
وتصبح تلك المسافات مقبولة ومعقولة عندما يتعلم المتكلم الكلام فيما يعنيه، وفيما لابد منه.

وتلك حالة تجعله في حدود نوع من الصمت يشبه الريح المنعشة الخفيفة التي لاتثير وراءها زوبعة ولا غبارا، ولا تهصرغصنا ولا تسقط حتى ثمرة.

ليست هناك تعليقات: