الخميس، 14 فبراير 2008

التدبير العمومي المـُفـَوَّض

كتب يوم الإثنين,آذار 12, 2007

لوحظ في الآونة الأخيرة بعض التدني والارتباك في أداء خدمات النظافة والتقاط النفايات المنزلية في كثير من الأحياء المراكشية، وذلك في انتظار أن تفوض هذه الخدمة العمومية إلى القطاع الخاص ممثلا في بعض الشركات الأجنبية.
وقد سبق لقطاع النقل الحضري العمومي بمراكش أن فُوض، منذ سنوات خلت، إلى شركة ( alsa) الإسبانية.

ولا يستطيع أحد من المواطنين المراكشيين أن ينكر مدى ما حققته هذه الشركة من تقدم ملموس على مستوى تحسن قطاع النقل الحضري بالمدينة الحمراء كما وكيفا، وانتظاما في الخطوط، وفي احترام مواعيد وصول الحافلات، حتى أصبح قطاع النقل العمومي بمراكش من بين أكثر القطاعات المفوضة نجاحا ومردودية على الصعيد الوطني كله.

ويشاع أيضا أن المراكشيين مقبلون على مرحلة أخرى جديدة بخصوص تفويض تدبير قطاعي الماء والكهرباء بعد النقل والنظافة. إذ من المنتظر أن يفوض أمرهما في المدى القريب أو البعيد، إلى بعض الشركات الأجنبية على غرار تجرببتي البيضاء والرباط.

وما يتمناه المواطن المغربي المغلوب على أمره أن يرفع عنه الحيف والضرر في كل صغيرة وكبيرة تخص قضايا التدبير العمومي بغض النظر عمن أنجزه، وأن تتحسن خدماته ومصالحه الحيوية في أمنه وفي معيشته وفي عمله وفي تنقله أو تجواله، حتى لا يشعر بالغبن تجاه خازن الضرائب.

ولست أدري إن كانت الشركة الموكول إليها أمر التنظيف العمومي ستحرز نفس الرضا الذي حازته شركة ( ألزا) المشار إليها آنفا في قلوب المراكشيين، خاصة وأن أمر التنظيف أمر أشق وأصعب، وتتداخل فيه عوامل العادات الاجتماعية والتربية الخلقية. كما أنه دورة حياة كاملة تابعة لدورة الإفراز الطبيعية الحيوية والصناعية التي لا يمكن أن تعرف التوقف ليلا أو نهارا.

فكيف ستعالج هذه الشركة دورة الإفرازات والنفايات الهائلة المعقدة التي تطرحها مدينة عملاقة كمراكش بأحيائها القديمة والحديثة وبمصانعها ومؤسساتها وفنادقها وهلم جرا، ويضاف إلى ذلك الامتداد الأفقي الهائل لهذه المدينة، كما أو ضحنا في بعض الإدراجات السابقة..؟!.

وأنا هنا، في هذا المقال المقتضب، لست ضد التدبير العمومي المفوض، ولست أيضا في موضع المقارنة أو المقايسة بين عمل المجالس المحلية والمصالح البلدية المنتخبة للمدينة الحمراء أو غيرها من المدن المغربية وبين عمل الشركات والمؤسسات الخاصة التي تعمل تحت إمرتها بالوكالة أو التفويض، وإنما من حقي كمواطن عادي أن أتساءل هذا السؤال البريء:

لماذا لا تحقق المجالس البلدية والوكالات الحضرية ببلادنا نفس الرضا الذي يحرزه التدبير المفوض في نفوس المواطنين على أرض الواقع ؟!

فأنا لا زلت أذكر حافلات الوكالات الحضرية المهترئة، وطوابير الجحافل المنتظرة عند محطات الوقوف بالساعات الطوال التي تشعرك بالإحباط وترغمك على أحد الاختيارين الصعبين: إما البحث عن صاحب طاكسي يساوم ويصطاد في الماء العكر، وإما المشي على الأقدام.
أما اليوم فقد أصبح حال النقل العمومي بهذه المدينة غير الحال.

فهل سيتحقق نفس النجاح مع أمر تدبير النفايات المفوض، بحيث تخف الروائح الكريهة المنبعثة من المجاري ومن حفرها منزوعة الغطاء، ومن أكوام الأزبال التي تبقى متراكمة قدرا كبيرا من الوقت عند مداخل المنازل والعمارات والأحياء وعند أسوار مراكش الكثيرة والزوايا المهجورة…؟!.

ثم ، أخيرا، لماذا لا ينصلح حالنا إلا بسياسة التدبير المفوض؟
لماذا نكل أمرنا إلى غيرنا من الأجانب، خاصة وأن تبعات التدبير المفوض المادية تستخلص، في الغالب، من جيوب المواطن المثقوبة أصلا، وعلى حساب رفاهيته.

وختاما،هل التدبير المفوض علامة عجز أم تقصير أم كسل…؟!.


جانب من ساحة البريد، في وضعها الجديد
صورة شخصية

ليست هناك تعليقات: