الأربعاء، 13 فبراير 2008

اغتيال وطن

كتب يوم السبت,تشرين الثاني 25, 2006

لا يملك المواطن العربي اليوم غير الحسرات يطلقها تلو الحسرات على واقع الاقتتال والاغتيالات المريعة التي تجري أحداثها بخبث ومكر على أرضنا العربية، وخاصة في العراق ولبنان وفلسطين.

فلم يعد يفصل بين حادث قتل أو تفجير أو اغتيال في بغداد أو في بيروت أو في غزة، غير حادث آخر من نفس الفصيلة والنوع. بل قد يكون الأدهى والأمر؛

قتل بالجملة والتقسيط ينسينا قتلانا وجرحانا بين كل صبح ومساء، واغتيال يغطي على اغتيال بمكر واحتيال، وبين كل ذلك تفجيرات تـُنسف معها وتطمس كل معالم الحقيقة، ليزداد الوضع العربي تصعيدا وتعقيدا.

وما يـُنسى أو يطمس من الحقائق، في العادة، أكثر بكثير مما يـُرى أو يُسمع أو يصل إلى علم عموم الناس من خلال وسائل البث والتعتيم الدولي، أو من طريق الإعلام المحلي المُجمََّل على الدوام بالكذب والنفاق، أو المنسم ببهارات التملق والزلفى للمتحكمين في أرزاق البلاد والعباد ولأعوانهم المتنفذين في الداخل والخارج.

إن واقع القتل والاغتيالات على أرضنا العربية له نظير آخر مماثل في كثير من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية والصحف والنشرات الإعلامية.

وكثير منها مدسوس ومشحون بوسائل الكيد والتحريض؛ ولذلك كثيرا ما تجدها تخلط جدا بهزل، وتمزج حقا مع باطل، وتزرع السم في الدسم، وتضرب زيدا بعمرو، وتلمز بطرف خفي من غير بينة أو حجة دامغة إلى هذا الشخص أو ذاك أو لهذا الحزب أو ذاك أو لهذه الجماعة أو تلك أو لهذه الدولة الجارة القريبة أو البعيدة الصديقة أو المعادية، بل كثيرا ما تخرج عن طوعها فتراها تقصي وترعب, وترغي وتزبد كالثور الهائج…

إن لعبة الموت والدمار تبدأ من فضاء إعلامنا العربي وسمائنا، قبل أن تجد لها تطبيقا حقيقيا على أرضنا، من خلال القنابل المزروعة أو الأحزمة البشرية الناسفة أو السيارات المفخخة، أو من خلال الإطلاق المباشر لرصاص الغدر خلسة.

وحدهم المواطنون العرب البسطاء المكتوون بنار الفتنة والاقتتال، وهم الغالبية العظمى في العراق ولبنان وفلسطين وفي غيرها من الأماكن العربية، يقدرون موجة الاقتتال والاغتيال التي تجتاح بلادنا العربية حق قدرها، لأنها تنعكس على واقع حياتهم مباشرة بالموت أو الخراب والدمار أو تعطيل المصالح.

فلا أحد أحق ولا أصدق منهم في التعبير عن هول المعاناة وحجم المأساة التي يعرفها عالمنا العربي من محيطه إلى خليجه.
فدمعة واحدة حارة تنحدر من عين طفل أو أرملة أو شيخ مسن على خد مكلوم أو محروم أو مظلوم أصدق من خطب كل رئيس أو زعيم من رؤسائنا وزعمائنا المنتفخين بألقابهم وبذلهم الأنيقة وأوسمتهم البراقة كالطواويس، وأبلغ من كل التقارير المكتوبة والاستطلاعات المصورة الملفقة بوسائل الإعادة والتهيئة والإخراج الممل.

إن موسم حصاد الموت والخراب قد طال على أرضنا، وعند قناة الجزيرة الخبر اليقين، بعد أن أحيت عيد ميلادها العاشر، على وقع الأشلاء والجثث والدماء والمؤامرات والاغتيالات والحرائق والمصادرات والنهب والسلب والغصب والاحتلال الجاثم على أرضنا العربية ….

فتبا لكل قناة تحيى بنهش لحم الشعب العربي حيا وميتا، وتنتعش بمص دمائه حيا وباردا.
ألا فلتقف وتتعطل أجهزة كل قناة تعمل على رفع درجات التصعيد والاحتقان، وتساهم، من حيث تدري أو لا تدري، في جريمة اغتيال هذا الوطن..!!

ليست هناك تعليقات: