الخميس، 14 فبراير 2008

هل أصبحت الجزيرة الفضائية مصدر المغاربة لأخبارهم الوطنية؟

كتب يوم الإثنين,كانون الثاني 15, 2007

بدأت موجة أخبار المغرب تصل إلى المشاهدين والمتابعين للشأن المغربي بشكل مرتفع وبقوة غير معهودة منذ أن بدأت قناة الجزيرة بث نشرتها الخاصة بالمغرب العربي من داخل المغرب، عند حدود الساعة العاشرة ليلا حسب توقيت غرينتش.

ويعلم الجميع مدى حرص هذه القناة الإخبارية على تغطية أخبار العالم ومتجدداته اليومية، عبر مكاتبها وعبر مراسليها المنتشرين في كل أنحاء العالم شبرا بشبر، وساعة بساعة.

ويعلم الجميع أيضا مدى الإقبال الكبير الذي تعرفه هذه القناة لدى المشاهد المغربي خاصة والعربي عامة.

وإذا قمنا بجولة صغيرة في المقاهي الشعبية المنتشرة في مدن المغرب وقراه نجد أن غالبيتها تفتح التلفزيون إما على القنوات الرياضية، عندما ترتفع حمى المقابلات الكروية في الأحوال الاستثنائية، وإما على قناة الجزيرة في الأحوال العادية، كما أن موقع هذه القناة الإلكتروني هو أكثر المواقع زيارة وتصفحا..

وقد صار حديث العرب اليوم عن أخبار الجزيرة كحديثهم بالأمس البعيد عن أخبار جهينة. انطلاقا من القول العربي المشهور: ( وعند جهينة الخبر اليقين ).
ويكاد هذا المثل أن ينطبق على واقع الجزيرة أيضا رغم بعد المسافة الزمنية بين جهينة (الشخص) وبين الجزيرة (القناة)، أما من حيث المسافة المكانية فإن جهينة لم يكن في حياته بعيدا عن حدود دولة قطرالصغيرة حاليا لأنها كانت محسوبة في ذلك الوقت البعيد من تاريخ العرب، مناخا وجغرافية، على شبه الجزيرة العربية.

كما أن تأثير قناة الجزيرة في المشاهدين المغاربة حاليا لا يقل عن تأثير القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية ( البي بي سي ) في المستمعين المغاربة سابقا. بل إن كثيرا من مستمعي هذا القسم العربي المخضرمين قد تحولوا بسمعهم وأبصارهم إلى قناة الجزيرة. وأنا واحد منهم، وقد تكون أنت أيها القارئ الكريم واحدا منهم أيضا.

وكنت قد ورثت عادة الاستماع إلى قسم البي بي سي العربي عن والدي رحمه الله، منذ لحظة وعيي الأول بعالم نشرات الأخبارالعربية الإذاعية.

وأذكر أن المغاربة كانوا يجدون عنتا كبيرا في استقبال برامج هذا القسم المحمولة على الموجات الإذاعية القصيرة التي ما تكاد تقترب من سمعك بوضوح حتى تبتعد وقد صاحبها كثير من التشويش ومن الأصوات الغريبة، وكأنها تنبعث من عالم آخر.

إنه المشهد نفسه يتكرر اليوم مع الجزيرة، ولكن مع الوضوح الشديد في الصوت والصورة.
وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن هذه القناة الإخبارية، ولا الدعاية لها، ولا يعنيني من قريب أو بعيد تحليل خطها التحريري الذي كثيرا ما يعترض عليه في كل مناسبة ساخنة ساسة العرب والغرب إلى درجة اتهامها بالتواطؤ تارة وبالعمالة تارة وبالإرهاب تارة أخرى …

ولكن ما يعنيني أكثر هو أن يرتقي الإعلام المحلي الحكومي أو الخاص في بلادنا المغربية، وفي كافة البلدان العربية إلى درجة معقولة من الوضوح والشفافية والجدية والمهنية في البحث عن الخبر، وفي طريقة تبليغه أسوة بحرفية طاقم الجزيرة من مذيعين ومراسلين ومعدين ومخرجين.

وخير دليل على مدى ما يشوب إعلامنا المحلي المغربي من تعتيم وتلبيس على المواطنين ملف ضحايا موجة الزمهرير التي عرفتها بعض القرى والمداشر المعزولة التابعة لمدينة خنيفرة. وقد كانت موضع اهتمام ومتابعة مكثفة من قناة الجزيرة في الآونة الأخيرة.

وقد تبين للمتابع المغربي هول الصور التي بثتها الجزيرة عن المنطقة لأطفال حفاة عراة ولنساء ورجال محسوبين ربما خطأ على بقية السلالة البشرية المغربية، لولا بقية ملامح إنسانية…!!

كما تبين له بوضوح مدى ما بين أرقام الجزيرة وأرقام وزارة الصحة المغربية المعلنة عن حالات الوفيات في صفوف الضحايا من الأطفال من تضارب واختلاف؛ فقد أشار تقرير الجزيرة والشهود من عين المكان إلى أرقام تجاوزت العشرين بينما بقيت الوزارات المغربية الوصية عن الصحة والإعلام متمسكة برقم 11.

وهذا التخفيف من عدد الأرقام لا يمكن أن يشفع للمسؤولين تقصيرهم وتهاونهم واستهتارهم بأرواح المواطنين المغاربة، وخاصة منهم أولئك المنبوذون في أعالي الجبال حيث البرد والصقيع، وأولئك المهمشون المقصون في حواري المدن المعتمة حيث الفقر المدقع.

ومن شأن هذا السلوك الذي يسعى إلى المصادرة على الخبر لغايات أمنية أن يلقي بظلال كثيفة من الشكوك حول طبيعة التقارير التي تعدها مصالح هذه البلاد عن أحوال العباد ويفقدها كل مصداقية.

نتمنى من قناتي تلفزتنا المغربية الأولى والثانية أن تخرجا في أسرع وقت ممكن من نمط الإعداد الإخباري الجاهز في الاستوديو لتنتقلا إلى النمط الإخباري المتحرك في اتجاه المصدر ومن عين المكان، حتى لا يفاجأ المشاهد المغربي والقيمون على شأن بلادنا بما أعدته لهم قناة الجزيرة.

ليست هناك تعليقات: