الجمعة، 15 فبراير 2008

برلمانيُ المغرب؛ ذلك الكائن الحاضر الغائب

كتب يوم الثلاثاء,تشرين الثاني 20, 2007

كثر الحديث في هذه الأيام، أكثر من أي وقت مضى، عن ظاهرة الغياب الفردي والجماعي للسادة النواب والنائبات المحترمين.
ومع أن الغياب الهرمي ظاهرة عامة في مؤسسات الدولة المغربية، إذ يندر أن تجد السيد المدير أو السيد الرئيس أو المسئول في مكتبه لأنه قد خرج في مهمة خاصة، إلا أن الغياب البرلماني هو الأكثر بروزا وانكشافا أمام الرأي المغربي العام بسبب البث المباشر للجلسات العمومية على القنوات التلفزية المغربية الرئيسية.

ويشعر المواطن المغربي العادي البسيط قبل غيره بنوع من الحرج، وهو يتابع حركة كاميرا البرلمان المتجولة بين المقاعد الفارغة وشبه الفارغة.

وقد يتحول هذا الشعور إلى نوع من الملل المصحوب بالغثيان أحيانا عندما تختلس كاميرا البرلمان النظر إلى بعض الوجوه البرلمانية المتثائبة أو الغارقة في النوم العميق، وحتى بعض الوجوه الوزارية التي تحضر للإجابة عن أسئلة السادة النواب، وأسئلة الفرق البرلمانية.

وفي هذه الحالة قد يصبح وَقـْع حضور هذا البرلماني إلى قبة البرلمان المهيبة للنوم كوقع الغياب إن لم يكن أشد وأفظع، فماذا تفيد تلك الأجسام البرلمانية الجامدة في مكانها التي لا يصدر عنها صوت ولا يُسمع لها حس…؟؟

وليس مشهد افتتاح الجلسة الأولى في كل دورة تشريعية بحضور جلالة الملك كمشهد اليوم الموالي إطلاقا، وكأن هذا البرلمان ما وضع إلا ليومي الافتتاح والختم؛ ( بسم الله نفتتح … ثم الحمد لله نختتم…)

فهل من أحد يسأل أو يراقب أو يحاسب أو يتابع تلك المسافة البرلمانية الطويلة الواقعة بين خطابي الافتتاح والإغلاق لكل دورة؟؟

صحيح أن كثيرا من أمور هذا البلد المعوجة تستقيم بالتدخل المباشر لجلالة الملك. وقد يكفي كدليل على ذلك أن يمر موكب جلالته ببعض الشوارع المغربية المهملة لسنوات طويلة ليتغير حالها بين عشية وضحاها…

فهل الآن الوقت لتدخل جلالته للحد من ظاهرة الغياب البرلماني الجائر وغير المبرر، ولإيقاظ بعض النواب الحاضرين النائمين الذين استسلموا لدفء المقاعد البرلمانية الوثيرة ماديا ومعنويا….

وفي الحقيقة لا أجد للنواب الذين نجحوا في الانتخابات وحلوا ببر الأمان بولوجهم قبة البرلمان أي عذر للغياب، إلا لعلة مرضية قاهرة، أو بكشف طبي سريري محلف…

ولو استشعر كل برلماني حجم الأمانة التي تقلدها مقابل كل صوت حازه لسعى إلى البرلمان راجلا قبل أن يكون راكبا، إلا أن تكون ظهور الشعب المغربي مطية للتسلق السريع والربح الوفير والتهافت على حطام الدنيا الزائل، وذريعة لكسب الحصانة التي تحولت عند بعض النواب البرلمانيين إلى ما يشبه حصان طروادة للتحايل والتعالي على الغير وأكل حقوق الشعب المغربي المسكين بالباطل…

ليست هناك تعليقات: