الجمعة، 8 فبراير 2008

خطاب التأنيث

كتب يوم الإثنين,كانون الثاني 09, 2006

ماذا لو جرب الرجال الاعتزال، ولو لبعض الوقت، وسلموا مقاليد شؤون هذه الدنيا المتلاطمة إلى النساء؟!!، ماذا لو تقدمن الصفوف وتصدرن مسرح هذه الحـياة العبثي المرتبك؟!!

ماذا لوسمح لهن بإعادة ترتيب العالم من جديد، بعد الذي أبدينه من حذق في ترتيب أرشيف المكاتب، وطنافس البيوت، وأواني المطبخ…

وهل سيتغير العالم، عند تغيير المواقع وتبادل الأدوار بين الرجال والنساء؟!!
وهل يستقيم الحال على سكة لا عوج فيها ولا أمتا (1)،إذا جُرَّ قطار الوجود بقاطرة نسوية مخملية تنشر العطر، في الأنوف المزكومة بعفن الحروب وأبخرة القنابل والغازات السامة.؟!!..

بدأت قاطرة تأنيث الحياة، في عالمنا العربي تتحرك ببطء شديد، ولو على سبيل الاختبار والتجريب، وبمراقبة حذرة من الرجل الذي لم يتقبل بعد الفكرة من أساسها، وكيف له أن يتقبلها، وهو قد تعلم من الكتب الصفراء والبيضاء أن يجعلها من ورائه، حتى في الشارع العام عندما يخرج مع أسرته للتبضع أو التجول!! .
ولكن، ومع ذلك، وبفضل رياح العولمة، التي تطأطأ لها الرؤوس العاتية بدأ الرجل العربي يستجيب لمتطلبات العصر و يتعود على رؤية النساء العاملات في أغلب قطاعات الإنتاج الثقافي والصناعي والاقتصادي، باستثناء قطاع صناعة القرار الذي بقي حكرا على الرجل وحده … إلى أن يحدث الله أمرا.

كان ظهور المرأة الشرطية في الشارع العربي، أول مرة، حدثا عميق الدلالة والأثر، حتى إن أصحاب بعض السيارات كانوا يتعمدون إبطاء حركة سياراتهم ليستمتعوا أكبر وقت ممكن بطلعة حضرتها البهية.
فحسبوها من جملة النساء، امرأة ذات حسن ودلال، وتناسوا أنها مجرد شرطية مغلوبة على أمرها تأتمر بأمر سيدها القابع في مكتبه.

وهاهي ذي في الشارع تفترسها عيون الرجال الوقحة، وتخترقها سهام شهواتهم الجامحة، ثم لا يستفيقون من هذا الوهم إلا عندما تزجرهم بصافرتها، وبإشارتها الآمرة، فيمضون مسرعين نافثين قدرا من التلوث في نفْسِها وفي نَفَسِها..
————
هامش:
(1)، الأمت في اللغة المكان المرتفع.

ليست هناك تعليقات: