الجمعة، 8 فبراير 2008

حديث الإنترنت

كتب يوم الثلاثاء,كانون الثاني 10, 2006

( كل الصيد في جوف الفرا )

في البدايات الأولى من حياة البشرية، على هذه البسيطة، كان علم الإنسان في عقله، لا يعلم بعد ما يصنع به، ولا كيف يخرجه، حتى تعلم الكلام. فصار علمه على لسانه، ينطق به ويودعه في عقول غيره كابرا عن كابر، وانتشرت عدوى الكلام في السلالة البشرية، ..
وعندما تعلم الحفر والنقش والخط، أخذ يزرع بذور علمه الأولى عل سطح هذه البسيطة، مسجلا حضوره وعبوره، هنا أوهناك.
وسطح هذه البسيطة، وإن كان كرويا، لا يختلف كثيرا عن سطح أملس لورقة بيضاء أو شاشة مسطحة لجهاز حاسوب أو تلفاز ملون.
ولا فرق بين علمنا و علم أجدادنا إلا في عدد قد يزيد أوقد ينقص من التجارب، في مسلسل طويل لا نهاية له من الإخفاقات الكثيرة والنجاحات القليلة.

وأنا أضع اللمسات الأولى لهذا الحديث المخصص للأنترنت بما له وما عليه، تبادر إلى ذهني مثل عربي مأثور، وهو:
( كل الصيد في جوف الفرا ).
ويضرب هذا المثل لمن يُفَضَّل على غيره.
وهذا المثل، وإن كان قديما جدا، قد ينطبق على الأنترنت، لأن جوفه الهائل قد حاز الآن كل صيد. وقد تساوى الجميع في الاطلاع عليه والانتفاع بمحتوياته. وكيف لا يكون كذلك، و وادي السليكون العجيب قد غمر بطوفانه المعرفي العالم، ومنسوبه في ارتفاع مستمر.

ولكي تكتمل عناصر المشهد الذي نحاول رسمه لدنيا (الأنترنت)، نعود إلى المثل السابق لغرض الشرح والتوضيح :
ـ 1 : أصل هذا المثل أن ثلاثة خرجوا متصيدين، فاصطاد أحدهم أرنبا، والآخر ظبيا، والثالث حمارا وحشيا. فاستبشر صاحب الأرنب والظبي بما نالاه وتطاولا عليه، فقال الثالث: ( كل الصيد في جوف الفرا ).
والفرا: هو حمار الوحش.


ـ 2 : ومعنى المثل أن ما ظفِر به الثالث يشتمل على ما عند الأول، صاحب الأرنب، والثاني، صاحب الظبي.
لأن حمارالوحش كان أعظم ما يصيده الناس في ذلك الزمن.
وهذا حالنا مع الأنترنت، اليوم. فليس هناك الآن، صيد معرفي وتواصلي أعظم منه حتى إشعار آخر…

ـ 3: وهذا المثل من كلمات الرسول صلى الله عليه وسلم، تألف بها أبا سفيان حين استأذن على النبي، صلى الله عليه وسلم، فحجبه قليلا، ثم أذن له. فلما دخل قال: ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمتين، أو الجلهتين، وهما جانبا الوادي. فقال له صلى الله عليه وسلم: ياأبا سفيان أنت كما قيل:

( كل الصيد في جوف الفرا ). وقيل في معنى كلامه، صلى الله عليه وسلم: إذا حجبتك قنع كل محجوب، ممومئا بذلك إلى أنه المفضل من بين أقرانه.

ليست هناك تعليقات: