السبت، 9 فبراير 2008

الجاحظ ينصف حقوق المرأة

كتب يوم الثلاثاء,شباط 07, 2006

في إدراج سابق تحت عنوان ( صناعة الغواية ) أوردنا كلاما للجاحظ وصف فيه كيفية إعداد المرأة الجارية أو القينة لأدوار الغواية داخل مجتمع عباسي ذكوري بامتياز.

وقد تتوجس بعض نساء اليوم من كلام الجاحظ السابق، ويفهمنه على غير الوجه الذي قصد إليه. إذ المعروف عن الجاحظ حساسيته المفرطة تجاه متغيرات مجتمعه الطارئة الكثيرة والمتناقضة، وقد ترواحت كلها بين قطبين متجاذبين؛ حرية مفرطة أوقمع جائر، وتدين منغلق أوتحلل وتسيب.

ومجتمع الجاحظ خلال القرن الهجري الثالث مجتمع هجين وجديد، خرج لتوه من حياة القرى والوبر إلى حياة المدر والحضر.

وقد شيد العباسيون لعالمهم الجديد، كما هو معروف، مدينة جديدة لائقة هي مدينة بغداد، وذلك منذ بداية عهدهم في منتصف القرن الهجري الثاني، في منطقة استراتيجية وسطى بين العالم القديم والجديد، وبين مجتمع الجزيرة العربية بكل ثقله الروحي، وبين مجمعات اليونان والرومان والفرس بكل إرثها المدني والحضاري والثقافي الذي استطاع العباسيون أن يصهروه ويذيبوه بامتياز. وذلك حدث فريد ليس في تاريخ العرب والمسلمين، بل في تاريخ البشرية كلها.

وربما كانت مؤلفات الجاحظ الغزيرة نفسها أكبر دليل على أضخم تزاوج حضاري وثقافي حصل في تاريخ العرب والمسلمين آنذاك بين ثقافتهم وثقافة غيرهم من الأمم دون أدنى انبهارأو انسلاخ واستيلاب.

وقد نجد اليوم أنفسناعاجزين أو متخلفين ليس فقط عن ركب حاضر يفوتنا ويبعد عنا في كل يوم تخلف ولحظة ذهول أو غفلة أو كسل بأضعاف مضاعفة، بل حتى عن ركب ماضي أسلافنا. فعلى الأقل هم عرفوا كيف يعوا ذاتهم، ويتخلصوا من عقدهم وأغلالهم…

وهذا كله ينعكس الآن في الأفعال وردود الأفعال غير الحضارية المتجاذبة بيننا وبين الغرب من حولنا، مما ينذر بأوخم العواقب، لا قدر الله.

ومعروف عن الجاحظ أيضا سرعة استجابته لشتى متغيرات مجتمعه، عكس ما يحصل لساستنا ومثقفينا الآن رغم كل وسائل الاتصال السريع المتاحة، إذ كان يبادر إلى ترجمتها ترجمة فورية إلى أفكار وتأملات وأوصاف وانطباعات وتقارير قد لا تختلف كثيرا عن تقارير الصحفيين والمراسلين المعاصرين اليوم إلا في أسلوبها الجاحظي المميز الذي نعت بالسهل الممتنع، وربما فاقهم أحيانا في صراحته وجرأته واعتداده بنفسه واستقلاله برأيه.

وحتى لا يأخذنا الحديث عن الجاحظ بعيدا، ولا تنتقل إلينا عدوى أسلوبه في الاسترسال نود أن نعرض الآن لرأيه الشخصي حول وضعية حقوق المرأة في عصره.

وقد قفز كثير من الباحثين والمهتمين عن هذا الرأي كما قفزوا عن كثير من آرائه ومواقفه الكثيرة المتميزة التي ضاعت، مع الأسف، في زحمة انشغالاته الفكرية الكثيرة أوما سماه بعض منتقدي الجاحظ بفوضى التأليف لديه. فكثير من آراء الجاحظ قد لا تتبين للقارئ المستعجل لأنها ربما تحتاج إلى نوع من طريقة العرض البطئ

وهذا نص فريد من نصوص الجاحظ المتميزة المتعلقة بحقوق المرأة، في زمنه، أضعه بين يديك أيها القارئ العزيز .
ونرجو من الإخوة والأخوات الفاضلات أن يبدوا وجهة نظرهم حول الموضوع.

قال الجاحظ ضمن كلام اقتطفناه من مجموع رسائله:
( ولسنا نقول ولا يقول أحد يعقل: إن النساء فوق الرجال أو دونهم بطبقة أو طبقتين أو بأكثر. ولكنا رأينا ناسا يزرون عليهن أشد الزراية، ويحتقرونهن أشد الاحتقار ويبخسونهن أكثر حقوقهن.
وإن من العجز أن يكون الرجل لا يستطيع توفير حقوق الآباء والأعمام إلا بأن ينكر حقوق الأمهات والأخوال
).

ليست هناك تعليقات: