الجمعة، 8 فبراير 2008

شعر المتنبي ومشهد مقاومة السقوط

كتب يوم الإثنين,كانون الأول 26, 2005

كان المتنبي يكره الضعف في العرب، وقد عمل على مقاومة هذا الضعف في نفسه أولا، بإعلاء صوته على الخانعين من بني جلدته، بل حتى على ممدوحيه الكثر باستثناء سيف الدولة وبعض الحكام العرب والمسلمين المخلصين النادرين. وحسب خصومه ذلك منه غرورا وتبجحا وهذيانا.
ولكنه أراد فقط أن ينبه جميع العرب إلى خطورة الغفلة عن الذات. ألم يشهد مصرع المستكفي الذي تحدثنا عنه سابقا في مشهد( سقوط الجبابرة).؟
ألم يجرب في رحلته الشعرية الطويلة أكثر من أربعين ممدوحا، واختبرهم قبل أن يحط رحاله لدى ممدوحه المفضل إلى الأبد سيف الدولة ؟ قانعا بإمارته الصغيرة في حلب، لأنها بكل بساطة، وعلى صغرها، رآها تختزل كل القيم العربية المجسدة في شخص حاكمها سيف الدولة.

ولكن، أنى له أن يهنأ بهذه اللحظة وهو يجد نفسه محاطا بحنق الحاقدين واستبداد ومكر الأعوان المنتفعين؟!

وكثير من شعر المتنبي يومئ إلى ما نذهب إليه، قال مشيرا إلى استبداد الديلم، ومنبها إل خطر المتغلبين علينا:
وإنما الناس بالملوك وما
تفلح عرب ملوكها عجـــــم

وأشجاه فقد العروبة في كثير من الأماكن التي زارها فقال:
ولكن الفتى العربي فيها
غريب الوجه واليد واللسان
وقال أيضا :
يهون علينا أن تصاب جسومنا
وتسلم أعراض لنا وعقـول
وقال في الجبان:
وإذا ما خلا الجبان بأرض
طلب الطعن وحده والنزالا
وقال في التحفيز والإقدام على الأمور العظيمة:
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
وقال عن احتمال الأذى أنه داء يضعف الأبدان:
واحتمال الأذى ورؤية جانيه
غذاء تضوي به الأجســـام
وقوله أيضا ساخرا :
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
ياأمة ضحكت من جهلها الأمم

ومعاني المتني غزيرة وقوية، وكأنه ناطق بلسان حالنا الآن.

ليست هناك تعليقات: