كتب يوم السبت,كانون الأول 24, 2005
أورد ابن طباطبا المعروف بابن الطقطقا في كتابه ( الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية) خبر اعتقال الخليفة العباسي المستكفي من لدن معز الدولة سلطان البويهين الفرس، بعد تغلبهم على أمر بني العباس في بغداد:
( ثم إن معز الدولة ركب يوما إلى دار الخلافة ـ يعني بغداد ـ وسلم على المستكفي وقبل الأرض بين يديه، وأمر المستكفي فَطرح كرسي فجلس عليه معز الدولة، ثم تقدم إلى المستكفي رجلان من الديلم ـ يعني البويهيين ـ بمواطأة معز الدولة فمدا أيديهما نحوه، فظن المستكفي أنهما يريدان تقبيل يده، فمد يده فجذباه ونكساه من السرير ووضعا عمامته في عنقه وسحباه .
ونهض معز الدولة، وضربت البوقات والطبول، واختلط الناس ودخل الديلم إلى حرم الخليفة، وحمل المستكفي إلى دار معز الدولة فاعتقل بها، وخلع من الخلافة ونهبت داره وسملت عيناه، ولم يزل في دار السلطنة معتقلا حتى توفي سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة هج).
هذا مشهد واحد من مشاهد السقوط الكثيرة المألوفة في تاريخ زعماء العرب القديم، عندما كانوا يفقدون هيبتهم ويضيعون جهدهم وقوتهم في اقتتالهم، واستئثارهم واستبدادهم، واستعلائهم على شعوبهم ومواطنيهم. فتكون النتيجة هذا السقوط المُريع وهذا الاستسلام الذَّريع للعناصر المتغلِّبة، والقوى الأجنبية المتربصة.
ما أشبه اليوم بالأمس، والحكومات العربية تخرج من استعمار إلى آستعمار، ومن شراك إلي شراك، وإن بدت في هيئة مخملية ناعمة ( حضارية ) لذي نظر قصير، لا يهمه من الحياة إلا فرصة سانحة ينتهزها، أوغنيمة ينتهبها، غير عابئ بمصير أمة أصبح الآن عل كف عفريت.
من منا لم ير صور الرئيس العراقي السابق عندما أخرج من قبوه في وضعية مزرية، أو تماثيله المسحوبة على الأرض بطريقة مخزية.
لقد أعدت مشاهد السقوط هاته عن سابق قصد وإصرار من لدن العدو المتغلب إمعانا في إذلال أمة كاملة. وهذا بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا حول سيرة زعمائنا في السر والعلن، ألم يقل العرب قديما : ( يدك منك وإن كانت شلاء ؟!)…
ولا فرق عندي بين هذين السقوطين إذا تم استعراضهما فقط على سبيل الإخبار والاجترار، فمتى نتعلم؟ وإلى متى نسلم أمرنا إلى غيرنا؟!..
كنت دائما أردد مع نفسي: كم نحن كرماء مع غيرنا حتى السفه، وكم نحن بخلاء على أنفسنا لدرجة الشح والتقتير، وإن كنا أغنى أغنياء العالم بإرثنا الروحي والأدبي والأخلاقي وثرواتنا( البيترولية ) التى أخشى أن تنفد قبل أن نستفيد منها شيئا مهما يمكن أن ينفع لبناء نهضتنا العلمية والحضارية، أو على الأقل أن يصل بعض ريعها إلى المواطن العربي المغلوب على أمره، وهو يتجرع مرارة الحسرات تلوالحسرات عن عمر يفوته وعلم يكتسبه بجهده وتعبه دون أن يجد لنفسه موقعا في بلده الصغير بله في وطنه الكبير.
وقد يكفي مثلا أن نقارن بين ما تعده وزارات السياحة في بلداننا للسائح الغربي من خدمة وترفيه حتى تكاد تحس أن هذا السائح هو السيد الآمر في بلداننا، وبين ما تعده باقي الوزارات لأجيالنا الصاعدة من بنين وبنات، أو نعكس الصورة قليلا لنرى كيف يخدم المواطن العادي في بلاد الغرب، وكيف نستقبل نحن في ديارهم؟!!
أورد ابن طباطبا المعروف بابن الطقطقا في كتابه ( الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية) خبر اعتقال الخليفة العباسي المستكفي من لدن معز الدولة سلطان البويهين الفرس، بعد تغلبهم على أمر بني العباس في بغداد:
( ثم إن معز الدولة ركب يوما إلى دار الخلافة ـ يعني بغداد ـ وسلم على المستكفي وقبل الأرض بين يديه، وأمر المستكفي فَطرح كرسي فجلس عليه معز الدولة، ثم تقدم إلى المستكفي رجلان من الديلم ـ يعني البويهيين ـ بمواطأة معز الدولة فمدا أيديهما نحوه، فظن المستكفي أنهما يريدان تقبيل يده، فمد يده فجذباه ونكساه من السرير ووضعا عمامته في عنقه وسحباه .
ونهض معز الدولة، وضربت البوقات والطبول، واختلط الناس ودخل الديلم إلى حرم الخليفة، وحمل المستكفي إلى دار معز الدولة فاعتقل بها، وخلع من الخلافة ونهبت داره وسملت عيناه، ولم يزل في دار السلطنة معتقلا حتى توفي سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة هج).
هذا مشهد واحد من مشاهد السقوط الكثيرة المألوفة في تاريخ زعماء العرب القديم، عندما كانوا يفقدون هيبتهم ويضيعون جهدهم وقوتهم في اقتتالهم، واستئثارهم واستبدادهم، واستعلائهم على شعوبهم ومواطنيهم. فتكون النتيجة هذا السقوط المُريع وهذا الاستسلام الذَّريع للعناصر المتغلِّبة، والقوى الأجنبية المتربصة.
ما أشبه اليوم بالأمس، والحكومات العربية تخرج من استعمار إلى آستعمار، ومن شراك إلي شراك، وإن بدت في هيئة مخملية ناعمة ( حضارية ) لذي نظر قصير، لا يهمه من الحياة إلا فرصة سانحة ينتهزها، أوغنيمة ينتهبها، غير عابئ بمصير أمة أصبح الآن عل كف عفريت.
من منا لم ير صور الرئيس العراقي السابق عندما أخرج من قبوه في وضعية مزرية، أو تماثيله المسحوبة على الأرض بطريقة مخزية.
لقد أعدت مشاهد السقوط هاته عن سابق قصد وإصرار من لدن العدو المتغلب إمعانا في إذلال أمة كاملة. وهذا بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا حول سيرة زعمائنا في السر والعلن، ألم يقل العرب قديما : ( يدك منك وإن كانت شلاء ؟!)…
ولا فرق عندي بين هذين السقوطين إذا تم استعراضهما فقط على سبيل الإخبار والاجترار، فمتى نتعلم؟ وإلى متى نسلم أمرنا إلى غيرنا؟!..
كنت دائما أردد مع نفسي: كم نحن كرماء مع غيرنا حتى السفه، وكم نحن بخلاء على أنفسنا لدرجة الشح والتقتير، وإن كنا أغنى أغنياء العالم بإرثنا الروحي والأدبي والأخلاقي وثرواتنا( البيترولية ) التى أخشى أن تنفد قبل أن نستفيد منها شيئا مهما يمكن أن ينفع لبناء نهضتنا العلمية والحضارية، أو على الأقل أن يصل بعض ريعها إلى المواطن العربي المغلوب على أمره، وهو يتجرع مرارة الحسرات تلوالحسرات عن عمر يفوته وعلم يكتسبه بجهده وتعبه دون أن يجد لنفسه موقعا في بلده الصغير بله في وطنه الكبير.
وقد يكفي مثلا أن نقارن بين ما تعده وزارات السياحة في بلداننا للسائح الغربي من خدمة وترفيه حتى تكاد تحس أن هذا السائح هو السيد الآمر في بلداننا، وبين ما تعده باقي الوزارات لأجيالنا الصاعدة من بنين وبنات، أو نعكس الصورة قليلا لنرى كيف يخدم المواطن العادي في بلاد الغرب، وكيف نستقبل نحن في ديارهم؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق