الجمعة، 8 فبراير 2008

مشهد القبح

كتب يوم الجمعة,كانون الأول 23, 2005

وإذا كنا قد تحدثتا سابقا عن قيمة التكرار المتوازن المنتظم في تكوين مشهد الجمال في جسد الإنسان وفي نفسه وفي العالم المحيط به، فإننا نتحدث الآن عن مشهد القبح، عندما يغيب التكرار، أو عندما يحضر هذا التكرار بشكل عشوائي متراكم ومتراكب، وسنحاول أن نوضح ذلك ببعض الأمثلة :

ــ ربما تكون عزيزي القارئ قد رأيت صورة ( عروس البحر المخيفة ) التي أدرجها أحد الإخوة من الأردن في صفحته، ويمكن أن نعتبرهذه الصورة، بغض النظر عن صحتها أو تلفيقها، نموذجا صالحا لما نحن بصدد معالجته الآن؛ وإذا تأملت هذه الصورة التي بلغت حدا كبيرا من البشاعة جعلت صاحب الصفحة المذكورة ينبه ذوي المشاعر الحساسة من مغبة رؤيتها، فإننا نجدها تخرج عن قاعدة التكرار التي رسمناها لمشهد الجمال، فهذه الصورة تتألف من عناصر متنافرة مشوهة لكائنين مختلفين أحدهما إنساني وآخربحري، وفي أوضاع غير مرتبة وناقصةالتكوين.
ولحسن الحظ فإن صاحب الصفحة المذكورة أدرج صورا جميلة لبعض الحسناوات ولبعض قطع الأثاث الجميلة ولبعض المصنوعات الأنيقة التي خففت من رعبها.

ــ ومن مشاهد القبح التي نطالعها في تراثنا العربي الصورة الخرافية التي رسمت ل( شق ) و( سطيح )، وهما من أشهر كهان العرب وسجاعها في الجاهلية. وأخبارهما موجودة في سيرة ابن هشام، وتاريخ الطبري، والكامل لابن الأثير، وفي كثير من المواقع الإلكترونية.

ــ أما شق فقد زعموا أنه كان شق إنسان، أي: نصفه؛ له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة.

ــ أما سطيح فزعموا أنه لم يكن له رأس ولا عنق، وأن وجهه كان في صدره، وأنه كان جسدا ملقى لا جوارح له … الخ

ومع هذا كله فقد كانا أعلم العرب في جاهليتها بالكهانة والسجع، فهل كانت عبقريتهما في العرافة والكهانة ضربا من التعويض عن مشهد الجمال الذي ينقصهما في تكوينهما الجسدي؟! وما رأيك عزيزي القارئ في الأطفال الخدج ناقصي الأعضاء أو الجوارح أوالتكوين، وفي التوأم السيامي ؟

ولله في خلقه شؤون، والحمد لله أولا وأخيرا.

ليست هناك تعليقات: