كتب يوم الجمعة,أيلول 08, 2006
حال التدوين العربي فسيفساء عجيب، تختلط فيه الألوان والمسافات والأحجام، وتكاد تغيب فيه عناصر التآلف والوحدة والانسجام.
وليجرب أحدكم أن يضم جملة من المدونات، بشكل عشوائي، إلى بعضها البعض ليقيس مدى ما فيها من عناصر التقارب والتجاذب؛ إن على مستوى الموضوعات والأفكار في منطلقاتها وأهدافها، أو إن على مستوى أشكال الأداء اللغوي في ارتفاعاتها ومنحدراتها…
ليست المدونات مسؤولة عن هذه الوضعية الفوضوية الملتبسة لأنها قائمة أصلا على أرض الواقع العربي المهترئ، ومستشرية في كل بيئات العرب الموبوءة بأمراض التخلف، وعلل القهر، وأوجاع الجسد والعقل والنفس….
وهاهنا، في بيئة التدوين العربي، مجال واسع للتأمل والدراسة والمقارنة والبحث في كل الموضوعات العربية الملتبسة؛ فالمدونات صورة مصغرة لمجتمعاتنا العربية، ومرآة تنعكس عليها حقائقها الصادقة والوهمية، رغم كل مساحيق التجميل ووسائل التمويه والتضليل التي يلجأ إليها كثير من المدونين تزلفا وتقربا، أو جلبا للمصلحة الذاتية، أو حبا في إرضاء الغرور، ورغم كل حيل التخفي التي يلجأ إليها البعض أيضا؛ إما باستعارة الألقاب، أو الاختباء وراء الأقنعة حرصا على سلامتهم، أو ضنا على الناس بحقيقتهم التي تشبه، في بعض الأحيان، حقيقة لصوص الليل وخفافيش العتمة…
لست من الذين يقللون من شأن أي مدونة كيفما كانت حالتها اللغوية أو الصحية أو النفسية أو العقلية. بل العكس، فأنا أتمنى على كل مواطن عربي ذكر أو أنثى، كبير أو صغير، حاكم أم محكوم، غني أو فقير، فلاح أو حرفي، متعلم أو جاهل أن ينشئ لنفسه مدونة خاصة.
ومن كان أميا فليستكتب، ومن تعذر عليه النطق بالكلمات فليبحث عن الصور والرموز والإشارات….
حقيقة، لقد أصبح التدوين العربي بحيرة مترامية الأطراف، يتسع مداها كل يوم بين صبح وليل، فمنسوبها في ارتفاع مستمر، ما دامت موصولة بوادي السليكون الذي نتمنى أن يبقى متدفقا باستمرار، وأن لا تضطر الحكومات العربية أو الجهات المعنية بشأن التدوين، وتزويد خدمات الأنترنت إلى تحويل مجراه، أو تضييقه، أو حجزه، أو حتى مصادرته.
وحيثما قادتك رياح الإبحار، وحيثما ألقيت بمراسيك أو شباكك على سطح تلك البحيرة الهلامية المتمددة فلا بد أن تخرج بصيد قليل أو كثير، أو باستنتاج جليل أو حقير. فالأمر موكول إليك أيها القارئ وإلى همتك، وقدرتك على التعديل والتأثير والمناورة…
لهذا السبب أحرص دوما على قراءة أكبر عدد ممكن من المدونات الجديدة في كل يوم، وأترك سفينتي عرضة لرياح الصدفة تقودني حيث تريد هي، من غير نية مبيتة أو قصد مرصود…
كما أحافظ على هدوئي النفسي وتوازني العقلي وأنا أتجول داخل بحيرة التدوين العربي، فلا أنفعل أو أتضايق ممن ألقاه غاضبا، ولا أتضجر ممن أصادفه عاتبا، ولا أصك آذاني عن من يعلي صوته مزمجرا، وأدني سمعي إلى كل من يهمس ويتألم بصمت….
كل إدراج ، من مدونة ما، حالة من حالات النمو والتطور الذاتي، كما الشعر والأظافر. ويستطيع كل مدون أن يقيس مداها بعمليات الاسترجاع (الفلاش باك)، والنظر المتفحص في كل الخطوات السابقة، قبل الإقدام على أي خطوة لاحقة جديدة، تجنبا للتكرار الممل، وحفاظا على وحدة وتماسك المدونة من جانب نفسية صاحبها وعقله ولغته. فالقفزة الواحدة إلى الأمام تستدعي خطوات عدة إلى الوراء. ونفس العملية يمكن أن يقوم بها القارئ المتابع لمسار مدونة ما…
المدونة الصادقة هي التي تمت إلى صاحبها بصلة، من غير قص ولصق. وهي التي تقدم حالة من حالات الوعي المستنير بالذات وبالآخر وبالمحيط، كاشفة، في كل مرة، عن دوائر جديدة مضيئة.
فالكتابة أصلا حالة من حالات البحث عن الوضوح في خبايا ذواتنا المظلمة التي تشبه سردابا ممتدا لا يوقف له أبدا على نهاية حتى يأخذنا الموت، وكلما فتحت بابا وجدت دونه أبوابا أخرى، كما لعبة المتاهات..
وإذا استطاع المدون أن يهتدي إلى حالة من حالات الوضوح حول حقيقة ذاته أو عالمه انتقل ذلك الوضوح بالضرورة إلى قرائه. وهاهنا فقط تحسن العدوى، وتثمر في النفس والعقل والوجدان، كما الأشجار في البراري يلقح بعضها بعضا، ويلتف بعضها على بعض…
ربما كان الخلل المسبب لتشوه ملامح فسيفساء التدوين العربي أن أكثر المدونين لا يقرؤون بشكل جيد ملم اكتفاء بما عندهم واحتقارا لما عند الغير، وأن أكثر القراء لا يكتبون تهيبا أو تقليلا من شأن ذواتهم، لأنهم لم يجربوا، في يوم من أيامهم العادية، لعبة الكتابة.
ولو صحت علاقة التدوين بقارئه على نحو مثمر مفيد ربما اعتدلت الصورة قليلا، وكان لفسيفساء التدوين العربي وقع آخر على السمع والبصر والعقل والفؤاد…!!
حال التدوين العربي فسيفساء عجيب، تختلط فيه الألوان والمسافات والأحجام، وتكاد تغيب فيه عناصر التآلف والوحدة والانسجام.
وليجرب أحدكم أن يضم جملة من المدونات، بشكل عشوائي، إلى بعضها البعض ليقيس مدى ما فيها من عناصر التقارب والتجاذب؛ إن على مستوى الموضوعات والأفكار في منطلقاتها وأهدافها، أو إن على مستوى أشكال الأداء اللغوي في ارتفاعاتها ومنحدراتها…
ليست المدونات مسؤولة عن هذه الوضعية الفوضوية الملتبسة لأنها قائمة أصلا على أرض الواقع العربي المهترئ، ومستشرية في كل بيئات العرب الموبوءة بأمراض التخلف، وعلل القهر، وأوجاع الجسد والعقل والنفس….
وهاهنا، في بيئة التدوين العربي، مجال واسع للتأمل والدراسة والمقارنة والبحث في كل الموضوعات العربية الملتبسة؛ فالمدونات صورة مصغرة لمجتمعاتنا العربية، ومرآة تنعكس عليها حقائقها الصادقة والوهمية، رغم كل مساحيق التجميل ووسائل التمويه والتضليل التي يلجأ إليها كثير من المدونين تزلفا وتقربا، أو جلبا للمصلحة الذاتية، أو حبا في إرضاء الغرور، ورغم كل حيل التخفي التي يلجأ إليها البعض أيضا؛ إما باستعارة الألقاب، أو الاختباء وراء الأقنعة حرصا على سلامتهم، أو ضنا على الناس بحقيقتهم التي تشبه، في بعض الأحيان، حقيقة لصوص الليل وخفافيش العتمة…
لست من الذين يقللون من شأن أي مدونة كيفما كانت حالتها اللغوية أو الصحية أو النفسية أو العقلية. بل العكس، فأنا أتمنى على كل مواطن عربي ذكر أو أنثى، كبير أو صغير، حاكم أم محكوم، غني أو فقير، فلاح أو حرفي، متعلم أو جاهل أن ينشئ لنفسه مدونة خاصة.
ومن كان أميا فليستكتب، ومن تعذر عليه النطق بالكلمات فليبحث عن الصور والرموز والإشارات….
حقيقة، لقد أصبح التدوين العربي بحيرة مترامية الأطراف، يتسع مداها كل يوم بين صبح وليل، فمنسوبها في ارتفاع مستمر، ما دامت موصولة بوادي السليكون الذي نتمنى أن يبقى متدفقا باستمرار، وأن لا تضطر الحكومات العربية أو الجهات المعنية بشأن التدوين، وتزويد خدمات الأنترنت إلى تحويل مجراه، أو تضييقه، أو حجزه، أو حتى مصادرته.
وحيثما قادتك رياح الإبحار، وحيثما ألقيت بمراسيك أو شباكك على سطح تلك البحيرة الهلامية المتمددة فلا بد أن تخرج بصيد قليل أو كثير، أو باستنتاج جليل أو حقير. فالأمر موكول إليك أيها القارئ وإلى همتك، وقدرتك على التعديل والتأثير والمناورة…
لهذا السبب أحرص دوما على قراءة أكبر عدد ممكن من المدونات الجديدة في كل يوم، وأترك سفينتي عرضة لرياح الصدفة تقودني حيث تريد هي، من غير نية مبيتة أو قصد مرصود…
كما أحافظ على هدوئي النفسي وتوازني العقلي وأنا أتجول داخل بحيرة التدوين العربي، فلا أنفعل أو أتضايق ممن ألقاه غاضبا، ولا أتضجر ممن أصادفه عاتبا، ولا أصك آذاني عن من يعلي صوته مزمجرا، وأدني سمعي إلى كل من يهمس ويتألم بصمت….
كل إدراج ، من مدونة ما، حالة من حالات النمو والتطور الذاتي، كما الشعر والأظافر. ويستطيع كل مدون أن يقيس مداها بعمليات الاسترجاع (الفلاش باك)، والنظر المتفحص في كل الخطوات السابقة، قبل الإقدام على أي خطوة لاحقة جديدة، تجنبا للتكرار الممل، وحفاظا على وحدة وتماسك المدونة من جانب نفسية صاحبها وعقله ولغته. فالقفزة الواحدة إلى الأمام تستدعي خطوات عدة إلى الوراء. ونفس العملية يمكن أن يقوم بها القارئ المتابع لمسار مدونة ما…
المدونة الصادقة هي التي تمت إلى صاحبها بصلة، من غير قص ولصق. وهي التي تقدم حالة من حالات الوعي المستنير بالذات وبالآخر وبالمحيط، كاشفة، في كل مرة، عن دوائر جديدة مضيئة.
فالكتابة أصلا حالة من حالات البحث عن الوضوح في خبايا ذواتنا المظلمة التي تشبه سردابا ممتدا لا يوقف له أبدا على نهاية حتى يأخذنا الموت، وكلما فتحت بابا وجدت دونه أبوابا أخرى، كما لعبة المتاهات..
وإذا استطاع المدون أن يهتدي إلى حالة من حالات الوضوح حول حقيقة ذاته أو عالمه انتقل ذلك الوضوح بالضرورة إلى قرائه. وهاهنا فقط تحسن العدوى، وتثمر في النفس والعقل والوجدان، كما الأشجار في البراري يلقح بعضها بعضا، ويلتف بعضها على بعض…
ربما كان الخلل المسبب لتشوه ملامح فسيفساء التدوين العربي أن أكثر المدونين لا يقرؤون بشكل جيد ملم اكتفاء بما عندهم واحتقارا لما عند الغير، وأن أكثر القراء لا يكتبون تهيبا أو تقليلا من شأن ذواتهم، لأنهم لم يجربوا، في يوم من أيامهم العادية، لعبة الكتابة.
ولو صحت علاقة التدوين بقارئه على نحو مثمر مفيد ربما اعتدلت الصورة قليلا، وكان لفسيفساء التدوين العربي وقع آخر على السمع والبصر والعقل والفؤاد…!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق