كتب يوم الثلاثاء,آذار 28, 2006
كان الأسبوع الأخير من سنة 2005 ممطرا، في مدينة مراكش الحمراء، لا أنكر أني أحب المطر يأتي من السماء، يغسل أديم الأرض المتجهم. ما أجمل أن تودع عامك القديم على إيقاع المطر والبَرَد لتستقبل عامك الجديد بوجه نقي صبوح…
هذا جزء من كلامي أقتطفه اليوم من إدراج سابق، مؤرخ بتاريخ 29/12/2005.
ومنذ ذلك التاريخ بقي غيث السماء متصلا موفورا بجهة مراكش، على نحو لم أعهده من قبل، منذ نحو عشرين سنة، عند حلولي بهذه المدينة من أجل الوظيفة والعمل.
الآن، وبعد مرور ثلاثة أشهر تغير وجه البراري ذات التربة الحمراء، وأخذت الأرض زخرفها وزينتها، وتجلت على الملأ في طلعتها البهية، وبألوان قزح المخملية كأحسن ما تكون زينة العروس يوم جِلوتها.
لا وفاء أجمل من وفاء الأرض حين تتفق رغبتها مع رغبة السماء، فتلقحها وتحثها على العطاء، فكأنهما على عهد أو اتفاق.
فحيثما حولت نظرك، في قلب المدينة أو في الضواحي القريبة والبعيدة اكتنفتك الخضرة من كل جانب، وأحاطت بك نسائم زهر الربيع من كل شكل ولون، وسط حقول القمح والشعير، وبساتين النخيل والزيتون والرمان والمشمش والليمون.
مدينة مراكش أكثر مدن المغرب جذبا للسواح الأجانب، لطبيعة مناخها الصحي الجاف، وكثرة مرافقها السياحية، ولعبقها التاريخي الذي يشبه سحر بغداد.
ويضاف إلى ذلك قربها من سلسلة جبال الأطلس المكسوة بالثلوج، ووقوعها في قلب المغرب، عند مفترق طرق رئيسية في اتجاه الساحل البحري غربا، والصحراء جنوبا، وباقي مدن المغرب الواقعة في الطرف الشمالي.
لقد أصبحت مدينة مراكش موطن كثير من الأجانب من كل بقاع العالم، ومحطة أخيرة في رحلة حياة كثير منهم، ممن وصل سن التقاعد من رجال المال والأعمال والساسة وأهل الثقافة والفن، يؤثرونها لدفئها طول السنة، ولدماثة أخلاق أهلها( البهجاويين) البسطاء الطيبين، ولأسوارها التاريخية المحدقة بأحيائها العتيقة، ولمزاراتها السياحية الكثيرة…
لكن هذا الإقبال الكبير من الأجانب على السكن في مراكش جر وراءه تحولات كبيرة على إيقاع الحياة بهذه المدينة استفاد منها المضاربون في قطاع العقار على وجه الخصوص، واكتوى بنارها عامة السكان البسطاء الذين لا قبل لهم بأثمان الشقق والبقع الأرضية التي تضاعفت مرات عديدة خلال السنوات الأخيرة، وما يتبع ذلك من جشع لدى جل أصحاب الدكاكين والباعة ..
وربما لاح لك هذا الجشع سافرا، ولأول وهلة، من خلال تتبعك لحركات أصحاب سيارات الأجرة عند المطار ومحطة القطار والحافلات، حيث تكون عيونهم مركزة أكثر على الأجانب الوافدين.
وبما أن أجواء الربيع الطبيعية في تمام حسنها وبهجتها هذه السنة فمن المنتظر أن يتزايد الإقبال، وأن ترتفع حمى الأسعار والمضاربات أكثر فأكثر..
لكن ما يكدر تلك البهجة فضلا عن الغلاء، أن تلك السياحة بدأت تشوبها سلوكات مشينة عرت عن الدوافع المرضية الكامنة وراء اختيار بعض الأجانب لهذه المدينة كمحطة أخيرة لهم للعيش والسكن، إذ سرعان ما تحولت كثير من الفيلات والرياضات والشقق والبيوت التي اقتنوها إلى أوكار للرذيلة وممارسة الشذوذ في أبشع صوره وأحط مظاهره، متصيدين للأطفال الفقراء القاصرين لجرهم بوسائل الإغراء إلى هذه المستنقعات التي يغرقون فيها على حساب شرفهم وسمعتهم ومستقبلهم الدراسي، وكونوا لهذا الغرض شبكة من الوسطاء والنخاسين الذين يتاجرون بأعراض الفقراء والمحتاجين من الفتيان والفتيات خاصة لإشباع غرائزهم ونزواتهم …
لقد أصبحت وقائع المتابعات لفضائح السياحة الجنسية بمراكش وغيرها من المدن المغربية التي يغلب عليها الطابع السياحي حدثا يكاد يكون يوميا على صفحات كثير من الجرائد الوطنية والمواقع الإلكترونية التي بدأت تدق ناقوس الخطر، مما ينذر بخلخلة قيم كثير من المدن التاريخية المحافظة بالمغرب كمراكش، ويهدد سمعتها، إذا لم تتدخل المصالح المعنية بوضع حد لها، وبمراقبة صارمة لحركة الأجانب الوافدين المشبوهين..
أليست المتاجرة في أعراض الناس البسطاء، واستغلال فقرهم وحاجتهم، وامتهان كرامتهم لأجل نزوات مرضية عابرة، شكلا من أشكال الإرهاب المقنع للمواطنين الآمنين في عقر دارهم؟؟
ترى، كيف يكون حال الوالدين عندما يكتشفان صور فلذات أكبادهم في أوضاع مشينة على أقراص مدمجة أو عبر مواقع إلكترونية مرتبطة بشبكات عالمية محترفة ومتخصصة في تسويق الأفلام والصور الخليعة.؟؟!!
وهل تكتمل ممارسات الشذوذ في غالب الأحيان عند أولئك المهوسين إلا بالصوت والصورة؟!!
وفيما تمضي وزارة السياحة مستعرضة لأعداد السياح، متباهية بأرقامها القياسية بالنسبة للسواح الأجانب الوافدين في كل يوم وفي كل فصل وفي كل سنة، وبعدد ليالي المبيت في الفنادق، تطبق بصمتها على موضوع السياحة الجنسية الذي يشغل الآن الرأي العام، حتى اضطرت بعض الجمعيات المعنية بالشأن المحلي والوطني إلى الخروج في مظاهرات عامة في الشوارع للتنديد بهذا النوع الجديد من السياحة التي تضر بسمعة البلاد والعباد.
كان الأسبوع الأخير من سنة 2005 ممطرا، في مدينة مراكش الحمراء، لا أنكر أني أحب المطر يأتي من السماء، يغسل أديم الأرض المتجهم. ما أجمل أن تودع عامك القديم على إيقاع المطر والبَرَد لتستقبل عامك الجديد بوجه نقي صبوح…
هذا جزء من كلامي أقتطفه اليوم من إدراج سابق، مؤرخ بتاريخ 29/12/2005.
ومنذ ذلك التاريخ بقي غيث السماء متصلا موفورا بجهة مراكش، على نحو لم أعهده من قبل، منذ نحو عشرين سنة، عند حلولي بهذه المدينة من أجل الوظيفة والعمل.
الآن، وبعد مرور ثلاثة أشهر تغير وجه البراري ذات التربة الحمراء، وأخذت الأرض زخرفها وزينتها، وتجلت على الملأ في طلعتها البهية، وبألوان قزح المخملية كأحسن ما تكون زينة العروس يوم جِلوتها.
لا وفاء أجمل من وفاء الأرض حين تتفق رغبتها مع رغبة السماء، فتلقحها وتحثها على العطاء، فكأنهما على عهد أو اتفاق.
فحيثما حولت نظرك، في قلب المدينة أو في الضواحي القريبة والبعيدة اكتنفتك الخضرة من كل جانب، وأحاطت بك نسائم زهر الربيع من كل شكل ولون، وسط حقول القمح والشعير، وبساتين النخيل والزيتون والرمان والمشمش والليمون.
مدينة مراكش أكثر مدن المغرب جذبا للسواح الأجانب، لطبيعة مناخها الصحي الجاف، وكثرة مرافقها السياحية، ولعبقها التاريخي الذي يشبه سحر بغداد.
ويضاف إلى ذلك قربها من سلسلة جبال الأطلس المكسوة بالثلوج، ووقوعها في قلب المغرب، عند مفترق طرق رئيسية في اتجاه الساحل البحري غربا، والصحراء جنوبا، وباقي مدن المغرب الواقعة في الطرف الشمالي.
لقد أصبحت مدينة مراكش موطن كثير من الأجانب من كل بقاع العالم، ومحطة أخيرة في رحلة حياة كثير منهم، ممن وصل سن التقاعد من رجال المال والأعمال والساسة وأهل الثقافة والفن، يؤثرونها لدفئها طول السنة، ولدماثة أخلاق أهلها( البهجاويين) البسطاء الطيبين، ولأسوارها التاريخية المحدقة بأحيائها العتيقة، ولمزاراتها السياحية الكثيرة…
لكن هذا الإقبال الكبير من الأجانب على السكن في مراكش جر وراءه تحولات كبيرة على إيقاع الحياة بهذه المدينة استفاد منها المضاربون في قطاع العقار على وجه الخصوص، واكتوى بنارها عامة السكان البسطاء الذين لا قبل لهم بأثمان الشقق والبقع الأرضية التي تضاعفت مرات عديدة خلال السنوات الأخيرة، وما يتبع ذلك من جشع لدى جل أصحاب الدكاكين والباعة ..
وربما لاح لك هذا الجشع سافرا، ولأول وهلة، من خلال تتبعك لحركات أصحاب سيارات الأجرة عند المطار ومحطة القطار والحافلات، حيث تكون عيونهم مركزة أكثر على الأجانب الوافدين.
وبما أن أجواء الربيع الطبيعية في تمام حسنها وبهجتها هذه السنة فمن المنتظر أن يتزايد الإقبال، وأن ترتفع حمى الأسعار والمضاربات أكثر فأكثر..
لكن ما يكدر تلك البهجة فضلا عن الغلاء، أن تلك السياحة بدأت تشوبها سلوكات مشينة عرت عن الدوافع المرضية الكامنة وراء اختيار بعض الأجانب لهذه المدينة كمحطة أخيرة لهم للعيش والسكن، إذ سرعان ما تحولت كثير من الفيلات والرياضات والشقق والبيوت التي اقتنوها إلى أوكار للرذيلة وممارسة الشذوذ في أبشع صوره وأحط مظاهره، متصيدين للأطفال الفقراء القاصرين لجرهم بوسائل الإغراء إلى هذه المستنقعات التي يغرقون فيها على حساب شرفهم وسمعتهم ومستقبلهم الدراسي، وكونوا لهذا الغرض شبكة من الوسطاء والنخاسين الذين يتاجرون بأعراض الفقراء والمحتاجين من الفتيان والفتيات خاصة لإشباع غرائزهم ونزواتهم …
لقد أصبحت وقائع المتابعات لفضائح السياحة الجنسية بمراكش وغيرها من المدن المغربية التي يغلب عليها الطابع السياحي حدثا يكاد يكون يوميا على صفحات كثير من الجرائد الوطنية والمواقع الإلكترونية التي بدأت تدق ناقوس الخطر، مما ينذر بخلخلة قيم كثير من المدن التاريخية المحافظة بالمغرب كمراكش، ويهدد سمعتها، إذا لم تتدخل المصالح المعنية بوضع حد لها، وبمراقبة صارمة لحركة الأجانب الوافدين المشبوهين..
أليست المتاجرة في أعراض الناس البسطاء، واستغلال فقرهم وحاجتهم، وامتهان كرامتهم لأجل نزوات مرضية عابرة، شكلا من أشكال الإرهاب المقنع للمواطنين الآمنين في عقر دارهم؟؟
ترى، كيف يكون حال الوالدين عندما يكتشفان صور فلذات أكبادهم في أوضاع مشينة على أقراص مدمجة أو عبر مواقع إلكترونية مرتبطة بشبكات عالمية محترفة ومتخصصة في تسويق الأفلام والصور الخليعة.؟؟!!
وهل تكتمل ممارسات الشذوذ في غالب الأحيان عند أولئك المهوسين إلا بالصوت والصورة؟!!
وفيما تمضي وزارة السياحة مستعرضة لأعداد السياح، متباهية بأرقامها القياسية بالنسبة للسواح الأجانب الوافدين في كل يوم وفي كل فصل وفي كل سنة، وبعدد ليالي المبيت في الفنادق، تطبق بصمتها على موضوع السياحة الجنسية الذي يشغل الآن الرأي العام، حتى اضطرت بعض الجمعيات المعنية بالشأن المحلي والوطني إلى الخروج في مظاهرات عامة في الشوارع للتنديد بهذا النوع الجديد من السياحة التي تضر بسمعة البلاد والعباد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق