الأربعاء، 13 فبراير 2008

عام الاستعداء

كتب يوم الإثنين,أيلول 18, 2006

لا زالت حلقات مسلسل الاستعداء الغربي على الإسلام والرسول والمسلمين متواصلة يشد بعضها بعضا، ويؤدي بعضها إلى بعض منذ شهور خلت، وقد يجوز لنا أن نسمي هذا العام بعام استعداء الغرب على أمة الإسلام؛

فمن قصة الرسوم الكاريكاتورية الدانمركية المسيئة إلى شخص الرسول الكريم، إلى وقائع تدنيس المصحف الشريف بنعال بعض الجنود الأمريكيين ثم محاولة تزويره واستنساخه ب (قرآن) أمريكي منقح بديل، إلى موقف رؤساء الأحزاب وبعض الوزراء الغربيين الذين جاهروا بعدائهم للإسلام وانحيازهم إلى صفوف أعدائه، إلى الجماعات النازية العنصرية التي تكره وجود العرب والمسلمين على أرض الغرب، وتلقي بهم من أعالي الجسور أو تقتلهم بدم بارد، إلى أباطيل بوش وسمومه التي ينفثها في كل مناسبة خطابية، وقد أبى في إحداها إلا أن ينعت الإسلام بالفاشية، إلى سلسلة وقائع الحروب المدمرة المبيدة للحرث والنسل على أرض العرب والمسلمين فقط دون بقية الخلق.

وتلك الحروب التي خاضتها أمريكا وحلفاؤها من الغرب والصهاينة لازالت متواصلة، وهي ما تكاد تخبو في جهة حتى تشتعل في جهات أخرى، ودائما بفتيل أمريكي أو صهيوني، ولأدنى حركة أو سبب…

ثم جاء الدور أخيرا على البابا بيندكت السادس عشر ليدلي، هو الآخر، بدلوه وليرشح بما فيه من حقد وغل تجاه المسلمين، وليضع بداية النهاية لهذا المسلسل المشؤوم، أو ليعمل على تسريع وتيرة أحداثه التي بدأت تتفاعل الآن بمسلسل آخر من ردود الأقوال والأفعال في الشارع العربي والمسلم.

إنه حقا، مسلسل متشابك ومتداخل كما المسلسلات المكسيكية، تبدأ دائما من حيث تظن أنه يمكن أن تنتهي، ولكنها أبدا لا تنتهي….

وهل من عبث وتهور أكبر من عبث وتهور رؤساء وزعماء الملل والنحل!!، وخاصة ممن يحسبون في عداد القديسين والأحبار وأنصاف الآلهة، ليخيب أمل المرء فيهم، ويكتشف أنهم أسخف عقلا من أقل الناس فهما وتمييزا، ولينقطع الرجاء منهم في أمر إصلاح هذا العالم بعد أن قاده بعض الساسة المجانين إلى ما يشبه الجحيم.

وهل تسع أرضنا التي بدأت تضيق بناسها لحمق بوش وتهور البابا في نفس الآن، أم هل وافق شن طبقه؟؟!! أم أن مزرعة الشر التي أقامها بوش على وجه هذه البسيطة قد امتدت إلى الفاتيكان، وأصابت عقل البابا بالكساد والبوار..!!

لا أعتقد بوجود مبرر كاف يمكن قبوله واستساغته من لدن جميع من أرادوا تأويل خطاب البابا، أو حاولوا التخفيف من وطأته على المسلمين، أو عملوا على تجميله بعبارات الأسف المنتقاة، وبالأعذار الواهية، فالعذر أكبر من الزلة.

وشخص في مكانة البابا، وفي مقامه المبجل الرفيع، لا يليق به أن يضع نفسه في موضع شبهة، أو أن يعرض ملته النصرانية إلى العداء، وأن يؤلب عليها قلوب المسلمين كافة، وأن يوقظ مرة أخرى فكرة الحروب الصليبية سيئة الذكر والصيت في القلوب والوجدان، بسبب زلة لسان أو جرة قلم؛

فالكلام أو الخط أثر من صاحبه وامتداد لعقله وتفكيره، ولعبة التأويل والتبرير لا يمكن أن تنطلي على أحد، وقد سبق السيف العذل…

الخطأ عندهم معذور، وله دوما ألف تبرير وتبرير، وخطأنا نحن على الدوام مدان، ولا يجبر إلا بالقصاص والعقاب، وبالقصف وشن الغارات ودهم البيوت…
فأي عدالة تلك التي تكيل الأخطاء بمكاييل عدة..؟؟!!

وأنا أكتب هذا الإدراج أجد في نفسي حزنا كبيرا عكر علي فرحة رمضان شهر القرآن. وقد أخذ المسلمون جميعا أهبتهم لاستقباله. وهو نفس الحزن الذي شعرت به سابقا إبان حملة الرسوم الكاريكاتورية في الوقت الذي كان فيه المسلمون يتهيأون لاستقبال مولد الرسول الكريم، عليه أزكى الصلاة والسلام.

كما بقيت في داخلي حرقة أسئلة كثيرة معلقة لا أجد لها جوابا في واقعنا المتردي المهترئ الذي يغري الآخرين بنا وباتهامنا والتهامنا، كالعفن المستشري في الأجسام المتقرحة، يجلب إليها الذباب من كل حدب وصوب لينكأ جراحها العميقة ….

إن تعودنا على الانفعال السلبي تجاه الأحداث السلبية التي تتراكم وتتفاقم يوما بعد يوم على واقع المسلمين شعوبا وحكومات، يدخلنا في دوامة من الانشغالات الجزئية التي تذهلنا عن الانشغالات الحقيقية، وعن المعترك الفعال المنتج للفكر المتفتح وللصناعة والفلاحة والسلاح، ولكل شئ مُنتََج يمكن أن يسد الحاجة، ويحقق الاكتفاء الذاتي ولا يعوزنا إلى الغير، بعيدا عن الغوغائية والكلام المنمق الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وقد يغني قليله عن كثيره ومجمله عن تفصيله، لأنه في العادة ما يكون معادا أو منقولا. وما أكثر القوالين في واقعنا، وما أقل الفاعلين..!!

ليست هناك تعليقات: