السبت، 9 فبراير 2008

عندما يتعطل جهاز الكمبيوتر؛ قصة ورؤية

كتب يوم الجمعة,كانون الثاني 20, 2006

في نهاية حوار إذاعي سئلت الروائية ( م ج ) عن آخر أعمالها، ردت بأسف وحسرة على المذيع: آه !! إنها رواية منحوسة… فبعد مخاض طويل وبعد ولادة عسيرة وئدت في المهد!!.
لقد كانت أول رواية أكتبها على الحاسوب، وما كدت أفرغ من تبيضها وتصحيحها، حتى اختفت فجأة، قبل أن أتمكن من تحميلها على قرص مدمج، وأهنا بطلعة عنوانها العريض على صفحة كتاب كشقيقاتها…

كان علي فقط أن أصبر لبعض الوقت حتى أفرغ منها، ولكن تلك الليلة كانت باردة جدا، وكان العياء قد هدني وتمكن مني غاية التمكن.
في عالمنا العربي النقاد لا يرحمون، والكاتب لا يرضى من نفسه بالقليل، حتى يحرق كل شموعه ويكشف جميع أوراقه، وخاصة نحن معشر النساء الكاتبات..!! .. .
رد عليها المذيع : لا شك أن جهازك كان موصولا بالشبكة.!!
أجابته الكاتبة : نعم، والأدهي أنني نسيت أن أوقفه أوحتى أفصله بسرعة عن التيار في تلك الليلة المزؤودة المشؤومة….
هذه آخر مرة أكتب فيها رواية على الحاسوب، سأعود إلى أوراقي وأقلامي ..!!
المذيع: أعتقد أننا فهمنا السبب، نأسف لك.. ولكن بإمكانك أن تعيدي كتابتها من جديد ؟!!
أجابت : لا يمكن أبدا، لقد كتبتها في ظروف خاصة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة التي غاب فيها عن البيت، وكان وعدني هذه المرة بأن يتغير، ويعود كما كان في الأول، أو أفضل..
إن فعلها سأكتب فصولا أخرى جديدة، لا عهد لها بكل ما سبق.
المذيع: من تقصدين ؟!!
ردت: إنه زوجي بالطبع…
المذيع: والجواب عن السبب؟!!
ردت: الجواب… هو ما ستراه في الرواية القادمة…
المذيع: على الأوراق طبعا!!، سعدنا بلقائك وحوارك .. انتهى وقت البرنامج.

وأنت،!!.. عزيزي القارئ ماذا عساك تفعل، لوقمت في الصباح ووجدت جهاز حاسوبك معطلا، أو مخترقا، أو صفحة بيضاء، كيوم ولدته آلة المعمل؟!!

سؤال قد يتبادر أيضا إلى ذهن بعض كتابنا البؤساء التعساء الذين بدأوا يودعون بعضا من بنات أفكارهم في ذاكرة الحاسوب، قبل أن ينشروها بين دفتي كتاب، ربما حكم عليه القدر أن يبقى معروضا في الأكشاك طيلة فصول السنة، تتداول الرياح صفحاته بالتقليب، وتتعاقب عليه حرارة النهار ورطوبة الليل، حتى يمحى بهاؤه، ويطمس عنوانه .
كم أشفق على تلك العناوين الباهتة المطموسة لأعمال كتابنا المعروضة على أرصفة الأكشاك، وإن اعتصرت من أفكارهم الطرية والمعلبة ما اعتصرت، وحرقت من أعصابهم ما حرقت.. !!

قلت مرة لصاحب كشك أعرفه: بالله عليك ألا تشفق على كتب أصحابنا الأدباء، وأنت تعرضها في العراء على أرصفة الشارع؟!، لقد كاد أحد المارة أن يدهسها بحذائه!! .. أنت تُعَرِّض بنات أفكارهم المخملية الجميلة لشيخوخة مبكرة !!..
أما تلك المجلات المصورة للفنانين والفنانات فتضعها في الداخل، هناك، على الرفوق، وفوق ذلك هي مغطاة بالبلاستيك الناعم، وكأنها في بريقها المصقول عرائس مجلوة.
فأجابني بهدوء ويقين: تلك المجلات المصورة لها طلاب وخطاب على الدوام، وأعدادها القديمة تنفد بأيام معدودة قبل صدور الجديدة، وربما نفذت من يومها، إذا كان الأمر يتعلق بفضيحة، أو بصور نادرة تنشر لأول مرة، أما بنات أفكار أصحابك فلا تتزوج إلا في أذهانهم ..
ربما، لو أضافوا إلى أعمالهم بعضا من الصور لجنبوها الكساد والبوار.. الناس في زماننا ما عادوا يقرأون إلا الصور…!!!

ليست هناك تعليقات: