الثلاثاء، 12 فبراير 2008

أيها الشرق الأوسط ..كم أشتهي تدميرك

كتب يوم السبت,تموز 29, 2006

لا زالت شهوة الانتقام القابعة في نفس بوش منذ فاجعته الكبرى بأحداث11 أيلول سبتمبر هي التي تحرك سياسته تجاه العالم العربي والإسلامي لخلق شرق أوسط جديد نقي أملس، ليس فيه نتوءات ولا نقطة سلاح أبيض أو أسود. وهذا ما استخلصته بالأمس من حوار الشر الذي جرى بينه وبين تابعه بلير في بيت النحس بواشنطن.

وأحداث الحرب في لبنان التي لا تريد لها أمريكا أن تتوقف، ولو للحظة قصيرة تُسترد معها أنفاس آلاف المنكوبين والمهجرين، أو حتى لغاية إنسانية خالصة، حلقة أخرى من مسلسل الغضب الأمريكي الطويل على الشرق الأوسط. والصهاينة يؤدون فيه الآن دورا مرتزقا حقيرا بامتياز، لصالح أطماع أمريكا قبل أن يكون لصالحهم؛ فهم أكبر عون لها الآن بعد صمت العرب وتخاذلهم على تدمير الشرق الأوسط بالوكالة، لإطفاء جزء صغير فقط من نار الحقد والانتقام المتأججة في الكيان الأمريكي من أعلى رأسه إلى أسفل قدميه.

ولم تكن قصة الجنديين المأسورين إلا مسمارا واحدا من مسامير جحا الكثيرة المسمومة التي دقتها أمريكا في عقر ديار العرب والمسلمين، حتى لا تقوم لهم قائمة، في الأمد القريب أو البعيد، بعد أن حلت بأرضهم بكل قضها وقضيضها، وجثمت على صدورهم ناهبة ومنتبهة ومبيدة.

وقد واتتها الفرصة الآن بالتمام والكمال لتتخذ من قصة خطف الجنديين أكبر ذريعة، ولتعطيها حجما أكبر وأضخم من حجمها بآلاف المرات. ففرصة كهذه تعدل وزن الجنديين المأسورين في صحة وعافية ذهبا وماسا.

وهل هناك فرصة أكبر من هذه لتوسيع شهوة الانتقام الأمريكية ولتحويل بلد عربي ثان بعد العراق إلى مقبرة لا تسمع فيها لاغية، أو صفحة بيضاء لا أثر فيها لنخوة أو كرامة عربية.

فليتفقد كل واحد من حكامنا العرب الباقين مسماره المدقوق في رأسه وحكومته وشعبه بالليل والنهار. فليس أمامهم، بعد الذي بدا من عجزهم وتخاذلهم، من عمل إلا حماية مسامير أمريكا المدقوقة في لحمنا وعظمنا حتى النخاع…!!

وأغرب ما في خطابات بوش النارية التدميرية امتزاجها بالحديث عن النزعة الإنسانية والحرية والديموقراطية، وفوق ذلك انتزاع العذر من الضحية بالمقت والديماغوجية.!! وكأنه يريد أن يقول للشعوب العربية: عذرا على قتلكم وتدميركم، فشهوة الانتقام لدينا خارجة عن التحكم والسيطرة…!!

وتلك إحدى عجائب ومفارقات العصر الأمريكي المتصهين الذي يريد أن يفرض قوته وجبروته على بقية العالم بالبلطجة والعربدة العسكرية.

ومن سوء حظ الشرق الأوسط أن وضعه مناسب جدا ليتحول إلى حقول تجارب خصبة، يمدها سماد الفرقة والعصبية المذهبية والطائفية بكل وسائل النمو السريع والقوة، للمساهمة في قتل الذات العربية، وإنجاح دروس الغطرسة الأمريكية النظرية والتطبيقية.

وكل العهدة على شهوة الانتقام الأمريكية التي لن تهدأ حتى يُقلب الشرق الأوسط كله ظهرا لبطن، ويختلط حابله بنابله، ويحترق أخضره بيابسه….

…. و ما زال هناك أمل في الممانعة العربية والإسلامية الداخلية على اختلاف أطيافها إذا اتحدت، وما زال هناك وقت أمام حكامنا لنزع مسامير جحا الأمريكية وذرائعها الصهيونية، و طرد العشق والولع والولاء الأمريكي من عقولهم ونفوسهم قبل أن يتحول إلى كابوس مريع …

ليست هناك تعليقات: