كتب يوم الثلاثاء,شباط 28, 2006
تغيرت طبيعة العلاقات كثيرا بين الشرق والغرب، مع أحداث أيلول سبتمبر وما تلاها من تداعيات خطيرة حتى الآن، وربما تكون ملامح ذلك التغير قد بدأت إنذاراتها الأولى، منذ حرب الخليج الأولى، زمن بوش الأب.
غير أن أكثرنا اليوم قد نسي تفاصيل وجه بوش الأب، ربما لأن ملامح الإبن قد أفلحت في التغطية التامة على كامل أصلها وفصلها، بحيث يخيل إلي أحيانا أنه كائن غريب، لا يمت لكوكبنا الأرضي بصلة، وأنه ربما يكون قد قذف به إلينا من كوكب المريخ الناري الأحمر، أو من زحل الثقيل الأصفر، أو يكون قد طرد من أحد كواكب النحس والشر البعيدة، في اتجاه الأرض، بعد أن عاث في تلك الكواكب البعيدة فسادا وقتلا ونهبا..
وأنت تطالع وجه بوش الإبن تستطيع أن تقرأ على سحنته تفاصيل خططه الحربية الجهنمية، وكامل خرائط الشرق الأوسط، محفورة على تجاعيد وجهه المتلبد بالغيوم، المتجهم دوما وأبدا.
ولذلك لا تعجب من أمره إذا ما رأيته يكثر في خطاباته إلى درجة الإطناب المخل، والتكرار الممل عن الشر والشريرين والأشرار، والإرهاب والإرهابيين، وأعداء الحرية، وخصوم الديموقراطية، وكل من تسول له نفسه أن يمتلك خبرة أو صناعة نووية، أو يأوي عناصر إرهابية، مرعدا مزبدا في كل وقت، ومهددا بالنار والدمار لكل الدول المارقة أو الشبيهة بالمارقة، أو لتعاونها مع المارقين في الأرض، أو لمجرد الشك في ذلك..
لقد هب بوش بكامل قوته وجبروته، كالإعصار المدمر في اتجاه أفغانستان والعراق لاحتلالهما، بدعوى القضاء على بؤر الشر والإرهاب. وكانت تلك الهبَّة أشبه ما تكون بهبَّة الملدوغ المذعور. فقد جن جنونه من أثر الضربة التي أصابت البرجين الأمريكيين، في واضح النهار، وفي غفلة عن عيون أجهزة مخابراته التي طالما تبجحت من خلال وسائل الإعلام والسينما والتلفزيون أنها تسمع دبيب النمل على الأرض، وتحصى الخلق في العالم أجمع عدة وعتادا، وأنه لا قبل لأحد في العالم بهزم الجندي الأمريكي على أرض المعارك، أو البطل الأمريكي على شاشة السينما الذي يستحيل أن يقهر أو يستغفل.
أذكر، ونحن أطفال صغار، كنا شديدي الإعجاب بأفلام ( الكاوبوي ) الأمريكية الهليودية، وبشجاعة الأبطال الكاوبويين وشهامتهم، وكنا نردد بالدارجة المغربية، عندما يحتدم الصراع بين البطل وخصومه في صالة القمار، أو في براري وأحراش الهنود الحمر المساكين: ( العَوْدْ ما يعيي، والفْرْدي ما يخوى، والعِْريبي ما يْمُوت)، والعَوْدْ: معناه الفرس الذي لا يتعب من الجري وراء اللصوص والأشرار، والفْرْدِي: معناه المسدس الذي لا يفرغ من الذخيرة أبدا، والْعِْريبي، تصغير لكلمة العربي، من باب الحلم والتماهي بالبطل الأمريكي: معناه البطل الذي لا يموت.
لسنا هنا بصدد تبرير تلك الضربة على البرجين الأمريكيين، مهما اختلفت وجهات نظر المحللين الإستراتيجيين والسياسيين لخلفياتها التاريخية، ولأسبابها العميقة الضاربة في جذور الهيمنة والاستقواء والمصالح الاقتصادية والعسكرية، بقدرما ما يهمنا الإرجاف المهول الذي حل بالعالم أجمع.
فقد تغيرت نظرة الشخص الأمريكي تماما إلى الإنسان العربي والمسلم الآن، وأصبح الأول يتخيل الثاني في هيأة قنبلة، وكأنه بلا عقل يستطيع أن يميز، وبدون قلب ينبض بالحياة والحلم والأمل، أو بدون جوارح تستطيع أن تتحسس موطن الجرح، وتتبع مواضع الألم… حتى أن كثيرا من الأمريكيين صاروا يترددون في ركوب وسائل النقل إذا بلغ إلى علمهم أن هناك شخص ما ذا سحنة عربية قد امتطي طائرة أو استقل حافلة أو قطارا…
والأدهى من ذلك أن أمريكا استطاعت أن تنجح في حمل كثير من دول العالم على كره العرب والمسلمين، وأن تقنعهم بتلك الصورة التي تخيفهم بها، والتي رسمتها للشخص العربي والمسلم أقصد: صورة المنتحر (الشخص القنبلة) الذي يعز نظيره في الغرب المادي، وأن تنتزع عطفهم وولاءهم بنفس المكيدة والخطة، وأن تجذبهم وتستميلهم إلى صفها (صف الأحرار، ومعسكر الديموقراطية).
وما قصة الرسوم التي ظهرت أول مرة في الدنمرك، وهي منطقة أوروبية بعيدة، وما كان يحسب لها من قبل، أي شأن يذكر في صراع الشرق والغرب، إلا نتيجة طبيعية ومنطقية لنجاح مخططات أمريكا لتشويه صورة الإنسان العربي والمسلم لدى الآخر، ولتأليب قلوب كل الآدميين في العالم عليه إذا وجدت إلى ذلك سبيلا، كمقدمة للإجهاز على كامل الوجود العربي والإسلامي، ماديا: بالقتل والنسف والتدمير والنهب، وتعطيل جميع مصالح العرب والمسلمين على وجه الأرض، ومعنويا: بالإذلال المعنوي والقهر النفسي، إلى أقصى درجات السادية.
وما صور التنكيل الجنسي المهين الذي تمارسه جيوش بوش على عباد الله في العراق وأفغانستان وكوانتنامو، وفي غيرها من السجون السرية الموزعة في كثير من بلدان العالم إلا أنصع دليل على ما نقوله، وما خفي عن عدسات التصوير ربما كان أعظم.
ولعلمها بوقع التنكيل الجنسي على نفوس العرب والمسلمين، فأنها تتقصده وتتعمده، وتبالغ فيه بالفعل والتصوير.
وكل تلك الصور المشينة التي كشفت عورة العرب والمسلمين للقاصي والداني، ليست ببعيدة عن رسوم الدنمركيين الكاريكاتوريين، من حيث الأهداف والغايات، وربما تكون هي التي أغرتهم وشجعتهم على السخرية من المسلمين من خلال التعرض لشخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وإذا اجتمع الإيذاء الجنسي والديني، كان في ذلك قمة السادية، وتمام التمام والكمال.
أما وقد انخرطت إسرائيل في الخطة الأمريكية كالعادة، وهي التي تعرف كيف تصطاد في الماء العكر، فقد نجحت بفضل لباسها للعباءة الأمريكية هذه المرة، بشكل يوحي أنها لن تخلعها أبدا إلا إذا تنكرت لها أمريكا، أو طالبتها باستعادتها، وذلك مطلب بعيد المنال الآن، أن تحول كافة مصائبنا التي توالت علينا منذ ذلك التاريخ المشؤوم إلى فوائد، وأحزاننا وهزائمنا المستمرة إلى ولائم وأعراس، خاصة بعد أن كفتها أمريكا مؤونة كل ذلك دون أن تلجأ إلى الظهور المباشر على ساحة المعارك.
وهاهي ذي تسرح وتمرح، كما تشاء، على أرض الفلسطينيين المحاصرين بالفيتو الأمريكي المرفوع على الدوام في وجه حقوق العرب والمسلمين أينما كانوا.
فهي كما تشاء تنهش،وكما نشاء تعض وتؤذي، دون أن تلام، كالقط المدلل أو ربما أكثر.
ولك أن تتخيل وجه بوش القادم إلينا من تلك الكواكب البعيدة، وقد تخلى عن قناع وجه أبيه وارتدى قناع شارون، فالأمر سيان، تعددت الملامح ووجه الشر واحد.
وليس للصهاينة ما يخشونه الآن، إذا غيب شارون عن الوجود إلى الأبد، أو مات، أو استخلف من الغد، ما دام بوش قد تقنع بوجهه، أو حلت روحه فيه.
وهل كان يحلو لبوش النظر إلا في وجه شارون العزيز عندما كان حيا، وقد وافق شن طبقه.
إن شهوة الانتقام الجامحة القابعة في نفس بوش، هي أيضا بمثابة الحزام الناسف والقنبلة الموقوتة على الدوام، و شهوة الانتقام تلك استكمال لمشروع أبيه السابق الذي لم يكتب له أن يكتمل في عهده، وهاهو الآن بوش الإبن يصل به إلى النهاية المحتومة عن طريق الإطاحة برأس صدام حسين، وحلوله بقضه وقضيضه على أرض العرب كالضيف الثقيل، ناهبا ومبيحا ومبيدا، فمن يستطيع أن يزيحه؟!!
وربما استمر ت مزرعة الشر التي أقامها بوش على أرض العرب سنين طويلة أخرى، لتطرح مزيدا من الموت والدمار والخراب، على حساب وقتهم الضائع في الحيرة والصمت، وتبادل أشكال التهم، وعبارات النواح والبكاء..
متى يتعلم العرب أن يحسموا أمرهم بأنفسهم عند بداية الشر قبل أن يستطير، وأن لا يسلموا تدبيرهم إلى غيرهم، وأن يسدوا على الأعداء طرق الوصول إليهم، وأن ينتبهوا إلى حقيقة أنفسهم كما هم، لاكما يراد لهم أن يكونوا، فأهل مكة أدرى بشعابها…
ومتى يتعلم حكامنا العرب أن يحسنوا إلى مواطنيهم، ويؤلفوا قلوبهم بالعدل والإنصاف والمرحمة، قبل أن يتمكن منهم داء العقوق العضال، أو ينفجروا في الداخل، أو الخارج كالبركان تنفيسا لشحنة القهر والغضب، وعندها لا ينفع إلا أن نردد ما قاله المعري:
هذا جناه أبي علي
وما جنيت على أحد
وقيل: إنه أوصى أن يكتب ذلك القول على قبره.
تغيرت طبيعة العلاقات كثيرا بين الشرق والغرب، مع أحداث أيلول سبتمبر وما تلاها من تداعيات خطيرة حتى الآن، وربما تكون ملامح ذلك التغير قد بدأت إنذاراتها الأولى، منذ حرب الخليج الأولى، زمن بوش الأب.
غير أن أكثرنا اليوم قد نسي تفاصيل وجه بوش الأب، ربما لأن ملامح الإبن قد أفلحت في التغطية التامة على كامل أصلها وفصلها، بحيث يخيل إلي أحيانا أنه كائن غريب، لا يمت لكوكبنا الأرضي بصلة، وأنه ربما يكون قد قذف به إلينا من كوكب المريخ الناري الأحمر، أو من زحل الثقيل الأصفر، أو يكون قد طرد من أحد كواكب النحس والشر البعيدة، في اتجاه الأرض، بعد أن عاث في تلك الكواكب البعيدة فسادا وقتلا ونهبا..
وأنت تطالع وجه بوش الإبن تستطيع أن تقرأ على سحنته تفاصيل خططه الحربية الجهنمية، وكامل خرائط الشرق الأوسط، محفورة على تجاعيد وجهه المتلبد بالغيوم، المتجهم دوما وأبدا.
ولذلك لا تعجب من أمره إذا ما رأيته يكثر في خطاباته إلى درجة الإطناب المخل، والتكرار الممل عن الشر والشريرين والأشرار، والإرهاب والإرهابيين، وأعداء الحرية، وخصوم الديموقراطية، وكل من تسول له نفسه أن يمتلك خبرة أو صناعة نووية، أو يأوي عناصر إرهابية، مرعدا مزبدا في كل وقت، ومهددا بالنار والدمار لكل الدول المارقة أو الشبيهة بالمارقة، أو لتعاونها مع المارقين في الأرض، أو لمجرد الشك في ذلك..
لقد هب بوش بكامل قوته وجبروته، كالإعصار المدمر في اتجاه أفغانستان والعراق لاحتلالهما، بدعوى القضاء على بؤر الشر والإرهاب. وكانت تلك الهبَّة أشبه ما تكون بهبَّة الملدوغ المذعور. فقد جن جنونه من أثر الضربة التي أصابت البرجين الأمريكيين، في واضح النهار، وفي غفلة عن عيون أجهزة مخابراته التي طالما تبجحت من خلال وسائل الإعلام والسينما والتلفزيون أنها تسمع دبيب النمل على الأرض، وتحصى الخلق في العالم أجمع عدة وعتادا، وأنه لا قبل لأحد في العالم بهزم الجندي الأمريكي على أرض المعارك، أو البطل الأمريكي على شاشة السينما الذي يستحيل أن يقهر أو يستغفل.
أذكر، ونحن أطفال صغار، كنا شديدي الإعجاب بأفلام ( الكاوبوي ) الأمريكية الهليودية، وبشجاعة الأبطال الكاوبويين وشهامتهم، وكنا نردد بالدارجة المغربية، عندما يحتدم الصراع بين البطل وخصومه في صالة القمار، أو في براري وأحراش الهنود الحمر المساكين: ( العَوْدْ ما يعيي، والفْرْدي ما يخوى، والعِْريبي ما يْمُوت)، والعَوْدْ: معناه الفرس الذي لا يتعب من الجري وراء اللصوص والأشرار، والفْرْدِي: معناه المسدس الذي لا يفرغ من الذخيرة أبدا، والْعِْريبي، تصغير لكلمة العربي، من باب الحلم والتماهي بالبطل الأمريكي: معناه البطل الذي لا يموت.
لسنا هنا بصدد تبرير تلك الضربة على البرجين الأمريكيين، مهما اختلفت وجهات نظر المحللين الإستراتيجيين والسياسيين لخلفياتها التاريخية، ولأسبابها العميقة الضاربة في جذور الهيمنة والاستقواء والمصالح الاقتصادية والعسكرية، بقدرما ما يهمنا الإرجاف المهول الذي حل بالعالم أجمع.
فقد تغيرت نظرة الشخص الأمريكي تماما إلى الإنسان العربي والمسلم الآن، وأصبح الأول يتخيل الثاني في هيأة قنبلة، وكأنه بلا عقل يستطيع أن يميز، وبدون قلب ينبض بالحياة والحلم والأمل، أو بدون جوارح تستطيع أن تتحسس موطن الجرح، وتتبع مواضع الألم… حتى أن كثيرا من الأمريكيين صاروا يترددون في ركوب وسائل النقل إذا بلغ إلى علمهم أن هناك شخص ما ذا سحنة عربية قد امتطي طائرة أو استقل حافلة أو قطارا…
والأدهى من ذلك أن أمريكا استطاعت أن تنجح في حمل كثير من دول العالم على كره العرب والمسلمين، وأن تقنعهم بتلك الصورة التي تخيفهم بها، والتي رسمتها للشخص العربي والمسلم أقصد: صورة المنتحر (الشخص القنبلة) الذي يعز نظيره في الغرب المادي، وأن تنتزع عطفهم وولاءهم بنفس المكيدة والخطة، وأن تجذبهم وتستميلهم إلى صفها (صف الأحرار، ومعسكر الديموقراطية).
وما قصة الرسوم التي ظهرت أول مرة في الدنمرك، وهي منطقة أوروبية بعيدة، وما كان يحسب لها من قبل، أي شأن يذكر في صراع الشرق والغرب، إلا نتيجة طبيعية ومنطقية لنجاح مخططات أمريكا لتشويه صورة الإنسان العربي والمسلم لدى الآخر، ولتأليب قلوب كل الآدميين في العالم عليه إذا وجدت إلى ذلك سبيلا، كمقدمة للإجهاز على كامل الوجود العربي والإسلامي، ماديا: بالقتل والنسف والتدمير والنهب، وتعطيل جميع مصالح العرب والمسلمين على وجه الأرض، ومعنويا: بالإذلال المعنوي والقهر النفسي، إلى أقصى درجات السادية.
وما صور التنكيل الجنسي المهين الذي تمارسه جيوش بوش على عباد الله في العراق وأفغانستان وكوانتنامو، وفي غيرها من السجون السرية الموزعة في كثير من بلدان العالم إلا أنصع دليل على ما نقوله، وما خفي عن عدسات التصوير ربما كان أعظم.
ولعلمها بوقع التنكيل الجنسي على نفوس العرب والمسلمين، فأنها تتقصده وتتعمده، وتبالغ فيه بالفعل والتصوير.
وكل تلك الصور المشينة التي كشفت عورة العرب والمسلمين للقاصي والداني، ليست ببعيدة عن رسوم الدنمركيين الكاريكاتوريين، من حيث الأهداف والغايات، وربما تكون هي التي أغرتهم وشجعتهم على السخرية من المسلمين من خلال التعرض لشخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وإذا اجتمع الإيذاء الجنسي والديني، كان في ذلك قمة السادية، وتمام التمام والكمال.
أما وقد انخرطت إسرائيل في الخطة الأمريكية كالعادة، وهي التي تعرف كيف تصطاد في الماء العكر، فقد نجحت بفضل لباسها للعباءة الأمريكية هذه المرة، بشكل يوحي أنها لن تخلعها أبدا إلا إذا تنكرت لها أمريكا، أو طالبتها باستعادتها، وذلك مطلب بعيد المنال الآن، أن تحول كافة مصائبنا التي توالت علينا منذ ذلك التاريخ المشؤوم إلى فوائد، وأحزاننا وهزائمنا المستمرة إلى ولائم وأعراس، خاصة بعد أن كفتها أمريكا مؤونة كل ذلك دون أن تلجأ إلى الظهور المباشر على ساحة المعارك.
وهاهي ذي تسرح وتمرح، كما تشاء، على أرض الفلسطينيين المحاصرين بالفيتو الأمريكي المرفوع على الدوام في وجه حقوق العرب والمسلمين أينما كانوا.
فهي كما تشاء تنهش،وكما نشاء تعض وتؤذي، دون أن تلام، كالقط المدلل أو ربما أكثر.
ولك أن تتخيل وجه بوش القادم إلينا من تلك الكواكب البعيدة، وقد تخلى عن قناع وجه أبيه وارتدى قناع شارون، فالأمر سيان، تعددت الملامح ووجه الشر واحد.
وليس للصهاينة ما يخشونه الآن، إذا غيب شارون عن الوجود إلى الأبد، أو مات، أو استخلف من الغد، ما دام بوش قد تقنع بوجهه، أو حلت روحه فيه.
وهل كان يحلو لبوش النظر إلا في وجه شارون العزيز عندما كان حيا، وقد وافق شن طبقه.
إن شهوة الانتقام الجامحة القابعة في نفس بوش، هي أيضا بمثابة الحزام الناسف والقنبلة الموقوتة على الدوام، و شهوة الانتقام تلك استكمال لمشروع أبيه السابق الذي لم يكتب له أن يكتمل في عهده، وهاهو الآن بوش الإبن يصل به إلى النهاية المحتومة عن طريق الإطاحة برأس صدام حسين، وحلوله بقضه وقضيضه على أرض العرب كالضيف الثقيل، ناهبا ومبيحا ومبيدا، فمن يستطيع أن يزيحه؟!!
وربما استمر ت مزرعة الشر التي أقامها بوش على أرض العرب سنين طويلة أخرى، لتطرح مزيدا من الموت والدمار والخراب، على حساب وقتهم الضائع في الحيرة والصمت، وتبادل أشكال التهم، وعبارات النواح والبكاء..
متى يتعلم العرب أن يحسموا أمرهم بأنفسهم عند بداية الشر قبل أن يستطير، وأن لا يسلموا تدبيرهم إلى غيرهم، وأن يسدوا على الأعداء طرق الوصول إليهم، وأن ينتبهوا إلى حقيقة أنفسهم كما هم، لاكما يراد لهم أن يكونوا، فأهل مكة أدرى بشعابها…
ومتى يتعلم حكامنا العرب أن يحسنوا إلى مواطنيهم، ويؤلفوا قلوبهم بالعدل والإنصاف والمرحمة، قبل أن يتمكن منهم داء العقوق العضال، أو ينفجروا في الداخل، أو الخارج كالبركان تنفيسا لشحنة القهر والغضب، وعندها لا ينفع إلا أن نردد ما قاله المعري:
هذا جناه أبي علي
وما جنيت على أحد
وقيل: إنه أوصى أن يكتب ذلك القول على قبره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق