السبت، 9 فبراير 2008

عندما يعتذر الرجال عن الزواج

كتب يوم الأحد,كانون الثاني 22, 2006

قد يعجز الإنسان، اليوم حتى عن الوفاء بحق نفسه في متطلبات العيش الضرورية قبل الكمالية بسبب البطالة وكساد سوق الشغل، فكيف يفي بحق غيره إذا انضافت إلى نفسه نفس زوجه ثم نفوس أولاده؟؟!!

وفي الكتب التراثية فصول تنصح الناس في ذلك الزمن الأول، وقبل أن تطول طوابير العاطلين، بالعزوبة وعدم المغامرة في الزواج، إذا انتفت الفائدة منه، واجتمعت الآفات بسببه، وإذا اضطر معيل الأسرة إلى مد يده إلى المال الحرام ليقوم بحاجاتها الكثيرة، وخاصة إذا صادف زوجة كثيرة الطلب، وأطفالا شديدي الإلحاح. فتكون قد اجتمعت عليه بذلك كل الآفات الدنيوية والأخروية.
ولذلك رأى كثير من علماء الشرع أن في كسب الرزق الحلال، والقيام بالأهل، والصبر على أخلاق النساء، وتربية الأطفال، أنواعا من العبادات، لا تقل في فضلها وأجرها عن الفروض والنوافل.

….وتهيب الشابات والشباب اليوم من موضوع الزواج، وإن تعقدت أسبابه ودواعيه أكثر قد لا يختلف كثيرا عن تهيب القدماء.

فقد اعتذر أحدهم قديما عن الزواج ببيت من الشعر، يشبه أحد الرسوم الكاركاتورية الساخرة، فقال:
لن يسع الفأرة جحرها
علقت المكنس في دبرها

يشير بذلك إلى ذيل الفأرة الذي يزعجها وبتعبها رغم أنه هو جزء منها، وكذلك زوجه وأولاده فهم منه بمثابة ذلك الذيل الذي قد يعيقه ويرهقه، ويحد من حركاته ومناوراته.

ومن رجال الدين الذين اعتذروا قديما عن الزواج، لسبب مادي بشر. قال: يمنعني من النكاح قوله تعالى: ( ولهن مثل الذي عليهن ) البقرة/ 228.
وكان يقول: لو كنت أعول دجاجة لخفت أن أصير جلادها على الجسر.

و من الذين اعتذروا لسبب مرضي وعجز جنسي إبراهيم بن أدهم. قال: لا أغر امرأة بنفسي، ولا حاجة لي فيهن.
يقصد بهذا القول القيام بحق النساء وتحصينهن وإمتاعهن. ويبدو أنه كان عاجزا عن ذلك.
وروي عنه أيضا قوله: من تعود أفخاذ النساء لم يجئ منه شيء. وكأنه أراد أن يتعلل بسبب من الأسباب، يمكن أن يعيد إليه توازنه النفسي والعقلي…

أما أخبار من تورط في الزواج، في التملق والإلحاف والزلفى إلى ذوي السلطان والمال، من أجل بضع دريهمات يقيم بها أود أسرته وحاجات عياله فأكثر من أن تحصى أو تستقصى؛

فقد رؤي سفيان بن عيينة على باب السلطان فقيل له: ما هذا؟!! فقال : وهل رأيت ذا عيال أفلح.

وقال بعض السلف : إذا أراد الله بعبده شرا سلط عليه في الدنيا أنيابا تنهشه، يعني بهذا القول كثرة العيال.

وقد بدأ كثير من الشعراء والأدباء المشهورين، كما هو معروف من سيرتهم، حياتهم الشعرية والأدبية بالتكسب ومدح التجار وأصحاب حوانيت البقالة والخضر والفواكه والتمور. وكان جل همهم، في بداية عهدهم بالشعر والأدب، وقبل أن تطير شهرتهم ويحلقوا في سماء النجومية،عندما انتقلوا إلى مدح الملوك كبشار وأبي العتاهية وابن الرومي وغيرهم كثير، أن يجلبوا إلى زوجاتهم وأطفالهم بضع سمكات أو ثمرات أو باذنجانات….

ونختم بقول أحد الشعراء الذين فضلوا فراغ البيت من صياح المرأة وضجيج الأطفال، ولو كان كل الرزق يأتي من طريقهم!!!:

ياحبذا العزبة والمفتـاح ــ ومسكن تخرقه الريــــاح
لا صخب فيه ولا صياح

ليست هناك تعليقات: