الثلاثاء، 12 فبراير 2008

من أخبار ونوادر السادة الطغاة 2

كتب يوم الأربعاء,آب 09, 2006

تفيض كتب التراث العربي بأخبار الطغاة، تماما كما حالنا اليوم مع حكامنا العرب الأشاوس ليتأكد أن حبل الاستبداد في هذه الأمة موصول آخره بأوله، وقد أحكم طوقه على رقاب الشعوب العربية وعلى كل الشرفاء الأحرار المقاومين من هذه الأمة بالأمس واليوم.

ولا غرابة إن اجتمع علينا استبداد بني يعرب وبني صهيون وبني العم سام دفعة واحدة، كما هو حال الاستبداد الواقع الآن على شعبنا العربي المقاوم في لبنان، فالاستبداد يجذب بعضه بعضا في كل زمان ومكان…

ولو كانت أمريكا في كوكب آخر لجذبتها ريح استبداد حكامنا، وكيف لا وهي مشبعة بعبق النفط والبخور والدم، فلا شيء يفتح شهية القرش الأمريكي لقتلنا وتدميرنا أكثر من زفر حكامنا الخبيث النتن، وعبق النفط الأسود، وأريج دم المقاومين الزكي الطاهر، وتلك مفارقات هذه الأمة التي لا تلتقي قاعدتها بقمتها إلا ويكون بينهما ثعلب ماكر، يعرف كيف يكسر الجرة على الحاكم والمحكوم في هذه البلاد العربية ويفوز بالغنيمة.
وأنا هنا لا أريد الاسترسال في الكلام، فما بداخلي من شجن يكاد يحبس أنفاسي ويصيبني بالشلل والغثيان.

وهذه الآن، بعض حكايات التراثية أسوقها لكم، وهي ذات صلة بما نحن فيه، و تعبر بلسان الحال عن واقعنا مع حكامنا الذين لم يتغير من أمر نفوسهم شئ رغم كل العواصف التي تجتاح هذه الأمة، وقد بدأت أمواجها المتلاطمة في رشق قصورهم وتحطيم زجاج نوافذهم، وهز عروشهم. ولكن، تتغير الجبال عن مكانها ولا يتزحزحون. فمتى يتعظون؟!، ومتى يمدون أيدي المعروف والإحسان إلى شعوبهم ليقفوا وقفة رجل واحد في وجه كل الذئاب العاوية والثعالب المتربصة ؟!! .

الحكاية الأولى:
دخل إياس الشام، وهو غلام صغير، فقَدَّم خصماً له إلى بعض القضاة، وكان الخصم شيخاً، فصال عليه إياس بالكلام، فقال له القاضي: خفض عليه فإنه شيخ كبير، فقال إياس: الحق أكبر منه، قال: اسكت. قال: فمن ينطق بحجتي إن سكت؟! قال: ما أراك تقول حقاً. فقال: لا إله إلا الله !! فدخل القاضي على عبد الملك فأخبره . فقال: اقض حاجته، وأخرجه من الشام لا يفسد أهلها.

الحكاية الثانية:
خطب معاوية يوماً، فقال: إن الله تعالى يقول: ” وما من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم “، فلم نُلام نحن ؟؟!! فقام إليه الأحنف، فقال: إنا لا نلومك على ما في خزائن الله، ولكن نلومك على ما أنزله الله علينا من خزائنه، فأغلقت بابك دونه يا معاوية.!!

الحكاية الثالثة:
كتب بعض البلغاء كتابة بليغة إلى المنصور، يشكو فيها سوء حاله وكثرة عائلته وضيق ذات يده. فكتب المنصور في جوابه: البلاغة والغنى إذا اجتمعا لامرئ أبطراه، وإن أمير المؤمنين مشفق عليك من البطر فاكتف بأحدهما.
وقال الشاعر:
سألت زماني، وهو بالجهل مولـــع
وبالسخف مستهزئ وبالنقص مختص
فقلت له: هل لي طريق إلى الغنى؟
فقال: طريقان: الوقاحــــة والنقـــــص

الحكاية الرابعة:
لما احتُضر عبد الملك نظر من القصر إلى قصار يلوي ثوباً ثم يضرب به المغسل، فقال عبد الملك: والله ليتني كنت قصاراً لا آكل إلا كسب يدي يوماً فيوماً، ولم أتقلد من أمر المسلمين شيئاً، فبلغ ذلك أبا حازم، فقال: الحمد لله الذي جعلهم إذا حضرهم الموت يتمنون ما نحن فيه، وإذا حضرنا الموت لم نتمن ما هم فيه.
قال الشعر الجزار:
لا تلمني مولاي في سوء حالـــي
عندما قد رأيتني قصابـــــــــا
كيف لا أرتضي الجزارة مــــــا
عشت قديما وأترك الآدابــــا
وبها صارت الكلاب ترجينـــي
وبالشعر كنت أرجو الكلابــــا

الحكاية الخامسة:
قال معاوية يوماً لرجل من أهل اليمن: ما كان أجهل من قومك حين ملكوا عليهم امرأة، فقال: أجهل من قومي قومك الذين قالوا: لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم “اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم” ولم يقولوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه.

الحكاية السادسة:
دخل البهلول وعِلِّيان المجنون على الرشيد، فكلمهما وأغلظا له في الجواب فأمر بنطع وسيف، فقال عِلِّيان: كنا مجنونين فصرنا ثلاثة ….

الحكاية الأخيرة، وليست الآخرة:
وهي مما يدخل في باب الرقابة على الأقوال قبل الأفعال، منذ سالف العصر والأوان:
كتب أرسطوطاليس إلى الإسكندر: إن الرعية إذا قدَرت أن تقول قدرت أن تفعل، فاجتهد أن لا تقول تسلم من أن تفعل.

وهذا المبدأ القديم لازال معمولا به حتى الآن، في بيئة المستبدين: هنا وهناك، عندنا وعندهم، في الشرق والغرب، وفي الشمال والجنوب، رغم كل هذا التطور الصناعي الهائل من حولنا، ورغم كل الشعارات البراقة والقوانين والنظم الدولية التي تداس اليوم بأقدام أمريكا وربيبتها إسرائيل، وتنتهك وتقصف بنيرانهما المصوبة في كل اتجاه من بلاد المشرق العربي المسلم.

ليست هناك تعليقات: