ـ حب عفيف:
دخلت بثينة على عبد الملك بن مروان فقال لها: والله يا بثينة ما أرى فيك شيئاً مما كان يقول جميل.
قالت: يا أمير المؤمنين، إنه كان يرنو إليَّ بعينين ليستا في رأسك.
قال: وكيف صادفته في عفته؟
قالت: كما وصف نفسه حيث يقول:
لا والذي تسجد الجباه له
ما لي بما دون ثوبها خبر
ولا بفيها، ولا هممت بها
ما كان إلا الحديث والنظر
وروي عن ابن سهل بن سعد الساعدي قال: دخلت على جميل بن معمر العذري، وهو عليل، وإني لأرى آثار الموت على وجهه.
فقال: يا ابن سهل! أتقول إن رجلاً يلقى الله لم يسفك دماً حراماً، ولم يشرب خمراً، ولم يأت بفاحشة، أترجو له الجنة؟
قلت: إي والله، فمن هو؟
قال: إني لأرجو أن أكون أنا ذلك الرجل.
قلت: بعد زيارتك بثينة وما تُحدِّث به عنكما؟!!
فقال: والله إني لفي يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، ولا أنالتني شفاعة محمد، صلى الله عليه وسلم، إن كنت حدثت نفسي فيها بريبة قط.
قال: فما انقضى يومه حتى مات.
وقيل لكثير عزة: هل نلت من عزة شيئاً طول مدتك؟
فقال: لا والله، إلا أنه ربما كان يشتد بي الأمر، فآخذ يدها، فأضعها على جبيني فأجد لذلك راحة.
قال أعرابي من فزاراة: عشقت جارية من الحي، فحادثتها سنين كثيرة، والله ما حدثت نفسي بريبة قط، سوى أن خلوت بها، فرأيت بياض كفها في سواد الليل، فوضعت كفي على كفها، فقالت: مه! لا تفسد ما صلح. فارفَضَّ جبيني عرقاً، ولم أعُدْ.
ـ حب سمين:
دخل إبراهيم بن المهدي على أمير المؤمنين المأمون، وكان إبراهيم أثجل البطن، كثير اللحم والشحم، فقال له المأمون: بالله يا عمّ! عشقت قطّ؟!
قال: نعم، يا أمير المؤمنين، وأنا الساعة عاشق.
قال: وأنت على هذه الجثة والشحم الكثير! ثم أنشأ المأمون يقول:
وجه الذي يعشق معروف
لأنه أصفر منحوف
ليس كمن أمسى له جثة
كأنه للذبح معلــوف
فأجابه إبراهيم بن المهدي:
وقائلِِِ لست بالمحب، ولو
كُنت مُحبا لذبت من زمن
فقلت: قلبي مُكاتمٌ بدني
حُبي، فالحب فيه مُختزن
أَحَب قلبي، وما درى بدني
ولو درى ما أقام في السِّمن
يتبع…/…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق