الأربعاء، 27 يناير 2010

الإعلام العربي الجديد وأفق التغيير

لم يعد الإعلام العربي في صورته الجديدة حكرا على الأنظمة العربية الحاكمة وعلى الأحزاب السياسية المؤيدة لها أو المعارضة، وإنما أصبح، بفضل نعم التكنولوجيا ومنجزاتها الهائلة في عالم التواصل، متاحا للجميع مثل الماء والهواء.

لقد سقطت القدسية عن الخبر العربي، وتبخرت كل شعاراته الزائفة في أجواء التحرر الإعلامي الجديد، ونزل الخبر المعظم أخيرا عن عرشه من علياء مؤسسات التحرير الرسمية متخففا من قيود الآداب السلطانية وحرج تقبيل أعتاب وأقدام السادة المبجلين، مترجلا يمشي حافيا عاريا في الشوارع ويتوغل في الحارات حتى اعتاده جميع الناس وصار عندهم في حكم المتاع المشاع مثل الخبز اليومي لكل واحد منا نصيبه المنقوص أو الكامل.

وهاهو الخبر العربي اليوم قد صار مطروحا في الطرقات العنكبوتية العامة مكشوفا مفضوحا، يبثه ويلتقطه من شاء بالصوت والصورة والعبارة.
وقلم المداد المنمق الفاخر الذي كتب به مشاهير الصحفيين الألمعيين أعمدتهم الثابتة في الجرائد الوطنية العربية والحزبية، على مدى نصف قرن أو يزيد ما عاد له نفس الأجر ونفس البريق والجاه.

ويبدو أن بعض الحكومات القائمة على شأن الإعلام في وطننا العربي قد استوعبت دروس التحولات الإعلامية الجديدة، فما عادت على الأقل تطيل نشراتها الإخبارية الرسمية كما كان الأمر في السابق، ربما إشفاقا على معدة المواطن العربي المهترئة أصلا من القرحة الموجعة ومن الذبحة القاتلة بسبب الأحماض والتوابل الزائدة عند إعداد الوجبات الإخبارية العربية الرسمية الحافلة بالتدشينات وبالاستقبالات والتوديعات …

ما أسهل اليوم أن تصبح كاتبا في إحدى الجرائد الإلكترونية أو مقدم برامج في إحدى القنوات الفضائية أو مذيعا في إحدى محطات الإذاعات ... فما عاد الأمر يحتاج إلى تكوين خاص أو ثقافة عالية، وربما كان للصدفة العابرة وللعلاقات الشخصية وللتوافق المزاجي بين هذا الطرف أو ذاك أكبر الأثر في إنشاء جريدة إلكترونية، أو قناة فضائية أو محطة إذاعية جهوية أو غير ذلك من الوسائط الإعلامية التي لا يمكن أن تنتعش اليوم إلا بالوصلات الإشهارية المدفوعة الأجر أو تقتات على مكالمات المستمعين أو المشاهدين الفائضة من رصيدهم لدى شركات الاتصال.

وكثير من المحسوبين على الإعلام العربي المرئي أو المكتوب أو المسموع هم اليوم من أشباه المثقفين وقد لا يتميزون كثيرا عن طبقة العوام الأميين…وقد يكفي أن تتابع برامج المنوعات العربية المبثوتة على التلفاز في بيتك أو على المذياع وأنت تقود سيارتك…

وأخطر ما في الإعلام الجديد هو هذه السلطة الخفية التي صار يمتلكها في قلوب الناشئة الجديدة، سلطة تذعن لها النفوس قبل العقول، وتسخر لها كل معطيات التكنولوجيا والبرمجة الرقمية الحديثة التي كثيرا ما تسحرنا وتبهرنا، فتجعلنا من خلال تقنية الفوتوشوب مثلا نرى صورا غير الصور وحقائق غير الحقائق وعالما فسيحا يمتزج فيه الواقع بالخيال، والصدق بالكذب فنذعن ونتغير من غير شعور من داخلنا قبل خارجنا، وفي سلوكنا وحتى في طريقة كلامنا.

لا شك أن دور الإعلام الجديد في تشكيل الوعي لدى عموم الناس يفوق دور كل مؤسسة تربوية عمومية أو خصوصية ويتجاوز بكثير دور الآباء والمربين والدعاة والحكام وكل الوزارات وكل هيئات المجتمع التقدمية أو الأصولية…

قد ينتابك حرج وأنت تتابع بعض برامج التلفزيون مع أبنائك، وقد يفرون من مكانهم حيث يجلسون أمام التلفزيون حرجا في المرة الأولى، وقد تفر أنت أو تضطر إلى تغيير المحطة، لكن من يضمن لك أن لا تنفض أو لا ينفض أبناؤك من حولك في المرة الثانية، إن لم تجد البديل المناسب عند تغيير المحطة أصلا أو أصروا واستكبروا استكبارا…

قد يغير الإعلام الجديد فينا بعض الشيء حبا في مجاراة الركب، ولكن الإعلام الجديد سيغير في أبنائنا كل شيء لأنهم بحكم الزمن سيكونون في مقدمة الركب.

الثلاثاء، 26 يناير 2010

مزاج طبيعي جدا

كثر الحديث في هذه الأيام عن التقلبات المناخية التي تشهدها معظم المناطق العالمية. ولا يتعلق الأمر هنا بمجرد تقلبات عادية في درجات الحرارة والرطوبة أو في كمية التساقطات المطرية والثلجية، وإنما بتقلبات استثنائية ونوعية في المزاج الطبيعي كله.
وكأن هذه المزاج الطبيعي المتغير فجأة رسائل إنذار مبكرة للناس كي يحزموا حقائبهم لسفر كوكبي مرتقب بعيد عن واقع هذه الأرض إذا ما ضاقت بهم، أو اختلت موازينها، أو صار كل شيء فيها بالمقلوب….

وقد كان زلزال هايتي الأخير بمثابة يوم قيامة مُصغر؛ قضم ربع سكانها دفعة واحدة في أقل من طرفة عين.
لقد أربك زلزال هايتي الذي ضرب هذه المرة في الصميم موازين المختصين بعلم الزلازل، وجعلهم يقيسون ويتوقعون مدى حجم الدمار الذي ينتظر البشرية إذا ما قرر مزاج الطبيعة الزلزالي أن يضرب في كل مرة ضربته في الصميم، حيث كبريات المدن و حيث المنشآت الصناعية وحيث السدود العالية والجسور المعلقة ومحطات الطاقة النووية، ومراكز تخزين السلاح وغير ذلك من المنشآت المدنية والعسكرية والإستراتيجية والحيوية…

يُخيل إلي أحيانا أن مزاج أمنا الأرض كمزاجنا، وربما كان ذلك المزاج لديها، حين تكفهر أو تكشر أو ترتعش، نوعا من ردة الفعل على إزعاجنا لها وتحدينا لها بالحفر من هنا وبالردم من هناك وبالوصل من هنا وبالقطع من هناك…

فعلى كوكبنا الأرضي حرب غير معلنه بين كل ما هو طبيعي وبين كل ما هو صناعي، بين ما ينتجه تراب الأرض من زرع وضرع وبين ما تصنعه يد الإنسان من ضر ونفع.
وتسعى الطبيعة مع ذلك جاهدة لاحتواء أوضار البشر في بحرها وبرها وجوها للإبقاء على الحد الأدنى من التوازن فعل كل أم رؤوم تجاه سلوك أبنائها عندما تضم صالحهم وطالحهم وتحتويهم جميعا تحت جناحها ...

ولو جعل كل واحد منا نفسه مكان الأرض لما تحمل ذرة واحدة مما تحملته هذه الأرض العجوز الشمطاء منذ ملايين السنين من وزرنا..
وأحمد الله أن ترابها ما زال يطرح الثمار والغلال، وأن ماءها لازال في مذاقنا هو نفسه الموصوف بالزلال، وأن مرعاها لا تعافه إلى يوما هذا الحمير والبغال.

وما أثار انتباهي في موضوع مزاج طبيعتنا المتغير هذا هو نزعة التشاؤم والخوف من المجهول التي بدأت تسيطر على عقول الناس كلما تحدثوا عن هذا الموضوع، واحتماؤهم بالأوهام الميتافيزيقية السطحية التي يستغلها البعض عبر كثير من القنوات الفضائية لإثارة الفتن الدنيوية والدينية، مع أننا نعيش آخر صيحات التكنولوجية.

أطن أن السماء حينما تمطر ببلادنا بغزارة فإنما تمطر بالغيث الذي يحيي الأرض، وليس بالحفر التي تعرقل حركة السير على الطرقات المغشوشة أو تغرق الدور والمزارع عند الأراضي الواطئة…

وفي سلوك الطبيعة ومزاجها المتغير ما يكفينا ويكفي كل الوزارات القائمة على أمرنا من دروس لنعتبر لا لنعتذر عند الإهمال أو التفريط كلما أمطرت السماء أو شحت وكلما اهتزت الأرض أو استقرت…
ــــــــــــــــــــــــــ
إدراجات ذات صلة:
نخيل المغرب يزهر في موسم الشتاء
خيال مجنح

الجمعة، 22 يناير 2010

مفاتيح الولوج الرقمية؛ سِر أم خصوصية…؟!!

هناك في حياة الإنسان الواقعية ما يستدعي التكتم، حفاظا على نوع معين من إيقاع الحياة، وصونا للبيت الأسروي الصغير ولأركان المجتمع الكبير من الهدم في بعض الأحيان، وعونا على قضاء مآرب الدنيا الشخصية بالنسبة للأفراد، في أكثر الأحيان.

ولا حاجة بنا هنا إلى ذكر الحكم وسرد القصص المرتبطة بهذا الموضوع الخطير لأنه إذا ما اشترك في السر الواحد شخص ثان، ولو كان شقيق الروح وتوأم النفس لم يعد بالإمكان أن يقال عنه سرا.

وهناك حدود كبيرة فاصلة بين درجات تملك الأسرار وصونها وبين طرق اكتشافها بالصدفة أو الحيلة، وبين انتزاعها بالغصب والقهر। ويمكن أن نضرب المثال على ذلك بمحاكم التفتيش، وبأجهزة المخابرات في كل دول العالم.

ولك أن نتخيل مؤسسات بهذا الحجم، ترصد لها أضخم الأموال ويعين فيها أعتى وأمكر الرجال مهمتها الأساسية الحفاظ على أكبر أسرار الدولة وانتزاع أخطر الأسرار من الدول الأخرى المتربصة القريبة أو المعادية، ومن الانقلابيين والمناوئين في الداخل والخارج، ومن كل المتهمين والمشبوهين، وحتى من الأبرياء، عندما تختلط الأوراق ويقع الناس جميعهم تحت طائلة س وج …

ولنا في قصة احتلال العراق الشقيق الذي احترق أخضره بيابسه خير دليل على ما نقوله من غير حاجة إلى ذكر التفاصيل المودعة الآن بأمان واحتراز شديدين في البيت الأبيض الأمريكي مستودع كل الأسرار الكبيرة والخطيرة في بلاد العم سام…।

وكما أن لكل فرد أسراره فكذلك لكل جماعة ولكل مؤسسة ولكل دولة ولكل مهنة ولكل ما هو موجود في هذا الكون الفسيح। لأن مجرد وجود شيء ما هو في حد ذاته سر من الأسرار….

ومع أن معظم ما في حياتنا الافتراضية مكشوف مفضوح على ملأ الدنيا كلها إلى درجة العهر والعري المبتذلين، فإن وراء كل موقع أو مدونة أو منتدى أو صفحة إلكترونية سر خطير لا يمكن البوح به أو الإعلان عنه أو التلميح إليه، لأنه بمثابة المفتاح والقفل الافتراضيين بالنسبة لكل بواباتها الصغيرة والكبيرة، عند كل فتح أوإغلاق، وعند كل طي أو نشر…
ونعني هنا بالمفتاح الافتراضي طريقة الولوج لإدراج شيء ما على الشبكة العنكبوتية أو حذفه أو تعديله.
ونعني بالقفل تأمين الخروج النهائي من أي صفحة إلكترونية شخصية، بعد إطفاء الحاسوب ومغاردة مكان الجلوس، دون أن نترك الباب أمام الآخرين مواربا أو مفتوحا على مصراعيه ليدخلوا بعدنا ويحتلوا المنصة والمكان…

وليست المفاتيح والأقفال الإلكترونية مواد صلبة من حديد أو فولاذ، وإنما هي حزمة أرقام وحروف تنطبع على نفس واحدة هي نفس صاحبها، وعلى ذاكرة واحدة هي ذاكرة صاحبها دون غيره من الناس، كما ينطبع (كانون) القفل الوحيد حالة كونه مواد معدنية منصهرة على مفاتيحه الأصلية الأولى التي لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة عند الصنع…

ولولا وجود منصة الولوج الافتراضية المحمية بالأرقام والحروف السرية السحرية بالنسبة لصاحب لكل مدونة أو منتدى أو موقع أو أي صفحة إلكترونية عادية لعم النهب والسلب بيئتنا الافتراضية، ولما صح لنا أن ننسب كل هذا الكم الهائل من المواقع الإلكترونية لأصحابها الذاتيين أو المعنويين.

ومنصة الدخول الافتراضي المحمية بمثابة الحصن المنيع والجدار المرتفع لتضمن استمرار الحياة الافتراضية بالنسبة لكل المواقع والصفحات الإلكترونية أكبر فترة ممكنة…

ومع الحرص الشديد من قبل المستخدمين للبوابات الإلكترونية عند الدخول إليها أو الخروج منها، فلا يخلو الأمر من المتلصصين والقراصنة والمتجسسين الذين يتتبعون خطوات كل ولوج أو خروج عبر برمجيات القرصنة (الهاكر) قبل كل هجوم أو اقتحام؛ إما لغرض التدمير، وإما لغرض العبث بمحتويات وممتلكات الغير، وأحيانا لمجرد إثبات الذات وتحدي برامج وجدران الحماية العالية التي يرفعها أصحاب المواقع المهمة في وجوه القراصنة وقطاع الطرق الإلكترونية.

ولكن، كثيرا ما تجد بالصدفة أن أحدهم قد ترك بوابة الولوج إلى صفحته الشخصية مفتوحة على المسنجر أو الفيس بوك أو غيرهما من البوابات؛ ويحدث هذا عادة في مقاهي الأنترنت عندما يترك أحدهم مقعده دون أن يحكم إغلاق الأبواب والنوافذ الافتراضية، وكذلك الأمر بالنسبة لأماكن العيش والعمل المشترك، كالإدارات والمصالح العامة والمؤسسات الخصوصية المكتظة بالناس، وحيث يمكن للمدير مثلا أن يترصد ويراقب كل الحركات والمناورات التي يقوم بها الموظفون والأعوان من خلال الحواسيب الموصولة …

وإذا كان من السهل على أي واحد منا أن يختار ما شاء من حروف وأرقام، بعد أن يرتبها بطريقته الخاصة في نفسه، لتكون حزمة مفاتيح ولوجه السرية لبواباته الإلكترونية المختلفة، فإن أصعب ما يلي هذه العملية هو استظهار تلك الحروف والأرقام واسترجاعها بالنسق الأول عند كل مرة.

وإن فقدان سر الولوج إلى المواقع والمدونات والمنتديات أمر وارد ولا يمكن استبعاده لعامل النسيان أو غيره। وربما كان ذلك أحد الأسباب الأساسية لتوقفها، وبقائها على حالة واحدة ثابتة من غير تجديد أو تحديث.

وحدهما النسيان والموت كفيلان بأن يغيرا معالم الحياة الافتراضية في مستقبل الأيام ليغدو جزء كبير منها في حالة توقف أو جمود، إن لم نسلم مقاليد مدوناتنا ومواقعنا وصفحاتنا الشخصية في حياتنا وقبل وفاتنا إلى غيرنا، وتلك قصة أخرى قد لا تكتمل تفاصيلها إلا بعد مرور جيل واحد على الأقل من الآن، ابتداء من هذه اللحظة التي أنهي فيها كتابة هذا الإدراج وأنا على قيد الحياة.

الثلاثاء، 19 يناير 2010

عندما تتحدث التكنولوجيا بالعربية….!!

مع أن منتجات التكنولوجيا خرساء عمياء في جِبِلتها الأولى، غير أنها تستطيع أن تحس وتبصر وتسمع، وتميز وتؤذي وتنفع. وفوق ذلك كله تستطيع أن تتكلم، كما هو صوت المجيب الآلي الأنثوي الناعم الذي ينبعث قادما إلينا من المجهول عبر الهاتف الثابت أو المحمول.

وقد صارت الآلات اليوم مثل الإنسان؛ فهي محكومة في نظامها بقواعد بيانات معدة سلفا للإيقاف والتشغيل والتهيئة، وهو محكوم بالقوانين والبنود الوضعية في كل أموره الدنيوية، عند اليقظة وحتى أثناء السبات والحلم.

وكثير من المنتجات الصناعية الإلكترونية التي نستوردها بإفراط من البلدان الأسيوية تدعم اللغة العربية، سواء تعلق الأمر ببرامج التشغيل المثبتة في دوائرها وذاكرتها الإلكترونية، أو تعلق الأمر بدلائل الاستخدام المرفقة.
ويمكن أن نضرب المثال بكثير من تلك الأجهزة التي نستعملها في حياتنا اليومية العادية بشكل مستمر؛ كالتلفاز والفيديو والهاتف المحمول والأرضي بالإضافة إلى أجهزة العرض والبث والاستقبال الرقمية الأخرى। هذا فضلا عن عدد هائل لا يحصى من الحواسيب الشخصية المرتبطة وغير المرتبطة بالشبكة العنكبوتية.

وما يثير انتباهي عادة في لغة دليل الاستخدام المكتوبة بالحروف العربية أو في واجهة التشغيل العربية لمعظم تلك الأجهزة المستوردة من البلدان الأسيوية على وجه الخصوص، هو الركاكة زالتشويه.

ولعل أخطر ما فيها من عيوب لغوية التصحيف: ونعني به طبع حروف غير مناسبة مكان الحروف المناسبة، فضلا عن إسقاط بعض الحروف أو تقديم بعضها على بعض وغير ذلك من العيوب المرتبطة بالشكل والمضمون، مما يثير ارتباكا كبيرا في الفهم لدى أي مستخدم عربي، ويولد لديه انطباعا سيئا عن لغته الأم ويضطره إلى اختيار واجهة لغوية أجنبية أخرى أوضح وأسلس كاللغة الفرنسية بالنسبة لدول المغرب العربي، أوالإنكليزية بالنسبة لدول المشرق العربي.
وربما كان عدم وجود مثل هذه الواجهات العربية المشوهة الممسوخة أهون وأسلم من وجودها أصلا.

وأقل ما يمكن أن أقوله عن مختلف الواجهات العربية الرقمية التي اطلعت عليها عبر بعض الأجهزة التي جربت استخدامها من خلال الدليل أو من خلال منصة التشغيل أنها لا تعدو أن تكون ترجمة حرفية ركيكة، مثلها مثل أي ترجمة آلية عشوائية للمواقع والصفحات الإلكترونية، فبعضها مُصيب وأكثرها مَعيب.

ولكن العيب ليس في مصانع آسيا إذا ما اختارت اللغة العربية كواجهة استخدام منقوصة لأجهزتها المختلفة التي تغرق بها أسواقنا، بل العيب فينا نحن لتكاسلنا وتقاعسنا.

ثم إن تلك المصانع ومؤسسات الإنتاج الأسيوية لاتدعم اللغة العربية حبا فينا أو في لغتنا مع جهل معظم الأسيويين باللغة العربية وبعدهم عنا، وإنما الغرض من هذا الدعم الدعاية والترويج والمنافسة الشرشة لغزو أسواقنا وإغراقها المستمر بمزيد من السلع، ما دامت أسواق العرب من أكبر مراكز الاستهلاك الباذخ في العالم.
وإذا، فما هي الشروط الصحية الضرورية لوضع أي برمجة لغوية عربية سليمة؟

هنا يتجلى الدور الكبير الذي يمكن أن ينهض به علماء اللغة العربية ولجان الترجمة والتعريب المختلفة ومعاهد البحث والبرمجة العربية المتخصصة لمد معامل الإنتاج الآلي بالمصطلح اللغوي العلمي المناسب وبالكلمات والعبارات الوصفية الملائمة والمطابقة لقواعد بيانات التشغيل والتحكم الآلي.

فيكفينا كلاما وتنظيرا ونحيبا على لغتنا العربية الجميلة، وقد حان الوقت لمكننتها في معاملنا، وفق ما نريد نحن بما يتلاءم مع شروطنا وأوضاعنا الثقافية والحضارية حتى نثبت وجودنا اللغوي وفاعليته وحيويته، وقدرته على مواكبة الركب الحضاري الجامح، وعلى الإبداع والاختراع.

السبت، 16 يناير 2010

صناعات التقليد؛ حاجة أم آفة؟.

أسهل ما في تقنيات هذا العصر المعولم على منتجيها إغراق السوق بسلعها، وأصعب ما فيها على مستهلكيها تمييز أصيلها من زائفها…

ولعل أول سؤال يطرحه المشتري العادي اليوم على البائع عندما يقدم على شراء جهاز ما من الأجهزة الصناعية؛ هل هذا المنتج حقيقي أم مقلد؟.
وبما أن البائع يعول في الغالب على غفلة ذلك المشتري وعلى جهله وعلى غبائه أكثر مما يعول على رأسماله، فلا يجد أي صعوبة في إقناع ضحيته بصدق ما يدعيه، إن لم يبعه الزائف بنفس ثمن الأصيل। فيكون الربح مضاعفا بالنسبة للبائع، وتكون الخسارة والخيبة مضاعفتين مثنى وثلاث ورباع بالنسبة للمشترى المغفل.

والغريب أن كل مشتري يقتنع في قرارة نفسه أن ذاك المنتج الصناعي الذي حازه أصيل ما دامت العيوب غير بادية له، وقد يباهي به غيره। ولذلك فهو لا يتراجع إلا إذا أقنعه طرف آخر بعكس ما يدعيه، بتقديم الدليل الدامغ والبرهان القاطع على فساد رأيه وفساد السلعة معا.

ولا تنطلي حيلة التقليد الصناعي على المشترين الجاهلين أو المغفلين فقط بل قد تنطلي حتى على العارفين المجربين، فالسلع المقلدة لم تعد اليوم بتلك الفجاجة التي كانت عليها، بل صارت مثل الأصلية تماما،إن لم تفقها نعومة وصقلا ولمعانا، مما يخطف الأبصار ويعمي البصيرة، ويفرغ الجيب।

فقد استطاعت صناعة التقليد، عن جدارة واستحقاق، وإن لم يعترف لها أحد بذلك، أن تثبت بحزم وقوة في وجه كل الصناعات الأصلية الآلية واليدوية؛ فهي لها بالمرصاد تتحداها وتستنسخ على غرار كل ما تبدعه هي من نماذج أصلية ليس بالعدد المحدود على قدر طلبات الزبناء المحترمين الذين يتعاملون رأسا مع أمهات الشركات العالمية، وإنما بعدد غير محدود يتجاوز الطلب حتى تغرق كل الأسواق الرسمية والعشوائية والشعبية في كل منطقة وفي كل ناحية، فيختلط الحابل بالنابل।

وكثير من الشركات الصناعية العتيدة ذات الماركات التجارية العالمية المسجلة والجودة العالية أصبحت اليوم على حافة الإفلاس بسبب منافسة أوراش صناعات التقليد المنتشرة في معظم الدول الأسيوية، وليس بسبب منافسة الصناعات التقليدية। فهناك فرق شاسع بينهما لأن الصناعة التقليدية مهارة وحذق وإبداع متجدد أما صناعة التقليد فهي نوع من السطو على جهود الآخرين والقرصنة ومحاكاة مطابقة للأصل تدور في فلكه ولا يمكن أن تتعداه.

وليت الأمر وقف عند حدود تقليد المنتجات الصناعية من أجهزة وملابس وإكسسوارات ولوحات وأشياء عديدة تراها مكدسة في كل المتاجر الصغيرة والكبيرة لا تعرف لها أصلا ولا فصلا ولا تحمل أية إشارة أو علامة تجارية॥بل لقد تجاوز الأمر حتى تقليد منتجات الدواء من عقاقير ومستحضرات ومستحلبات، وآلات التطبيب المختلفة، كأجهزة قياس الحرارة والضغط والسكري وغير ذلك مما قد يهدد صحة المرضى ، ويودي بحياتهم।

ترى أي دور للمستهلك البسيط في هذه الدوامة، وهو المغلوب على أمره، همه الوحيد أن يجد منتجا رخيصا للاستهلاك أو الركوب أو الزينة.
ولو توقف الأمر مثلا، على الشركات السويسرية المتخصصة في صناعات الساعات الرفيعة ذات الجودة العالية لبقي أكثر فقراء العالم من غير ساعة يدوية أو حائطية، ولفاتتهم مواعيدهم وفرصهم الموعودة والمنتظرة مع الناس أو مع الزمن।

وكثير من الأوراش الصناعية الأسيوية المختصة بتقليد الساعات السويسرية صارت تصدر منتجاتها الآن بالكيلو وليس بالوحدة، بل وبثمن البطاطا والخيار، إن لم يكن أقل من ذلك।

ولك أن تقيس هذا المثال على ما شئت من المنتجات الصناعية المقلدة الأخرى… فأي رخاء أكبر من هذا يعم مساكين هذا العالم ، ولكنهم يحلمون دوما بمداعبة السلع الحقيقية المخملية الموقعة التي يقتنيها أثرياء العالم، ولو مرة واحدة في حياتهم…!
ــــــــــــــــ
إدراجات ذات صلة

الخميس، 14 يناير 2010

دبلوماسية الإذلال..!!

ذكر عن أسباب الأزمة الدبلوماسية التركية الصهيونية الحالية قصاصات كثيرة تضاربت حولها الآراء والتحليلات السياسية. وكان أهم حدث بارز فيها تلك الطريقة المُهينة التي استـُقبل بها السفير التركي مؤخرا في تل أبيب؛

ومن مظاهر هذا الاستقبال الممعن في الإهانة والإذلال، على مرآى ومسمع العادي والبادي، أن نائب وزير الخارجية الصهيوني "داني أيالون" رفض مصافحة السفير التركي "أوغوز تشليك غول"، وأرغمه على الانتظار الطويل في الرواق حتى يتمكن أخيرا، وبعد طول توجس وشوق من النظر والتطلع إلى وجهه (العزيز)، وتعمد عدم وضع العلم التركي على طاولة الاستقبال، كما جرى عليه العرف في المراسيم الدبلوماسية مكتفيا بالعلم الصهيوني فقط، بل وأعطى تعليماته بعدم تقديم أي شراب للسفير المسكين، ولو بعد كل هذا الانتظار الطويل وهذه اللهفة…!!

ومما زاد الطين بلة أنه طلب من الصحفيين الذين نقلوا وقائع هذا الاستقبال النادر في تاريخ كل العلاقات الدبلوماسية السابقة، أن يذكروا في تقاريرهم الصحفية أن السفير التركي كان يجلس في وضع منخفض عن مستوى "داني أيالون" ومستوى زبانيته الصهيونية التي كانت تجلس معه في الطرف الأعلى المقابل.

وقد علق السفير التركي المسكين عقب هذا الاستقبال العجيب الغريب، أنه لم يتعرض طيلة حياته الدبلوماسية التي دامت خمس وثلاثين سنة لمثل هذا الموقف الحرج لشخصه ولشخص حكومته التي يمثلها.

وكان من الطبيعي أن يثير هذا الاستقبال الدبلوماسي الغريب حفيظة الحكومة التركية وكل حكومة ديموقراطية تحترم نفسها وكيانها وإرادة شعبها. وقد أرعدت الحومة التركية وأزبدت واهتزت مشاعرها وهددت، وطالبت باعتذار فوري مكتوب يعيد لها الاعتبار ويمحو بعض آثار هذه الزلة الدبلوماسية عن القلوب والنفوس. فاستدعى الرئيس الصهيوني "شمعون بيريز" على إثر هذا التصعيد من جهة تركيا "داني أيالون" وحثه على إرسال اعتذار خطي فوري لنزع فتيل الفتنة، وقطع دابر الخلاف قبل فوات الوقت.

وبوقاحة ونفاق معهودين في سلوك القادة الصهاينة نفى "أيالون" عن نفسه أية نية مُسبَقة لإذلال السفير التركي، وهو وإن كان لا يجد في سلوكه هذا ما يستدعي الاعتذار فهو يعتذر، ويعد فوق ذلك كله بحل كل الخلافات التركية الصهيونية بشكل مشرف.

حقا إنه منطق صهيوني غريب في الاعتذار. اعتذار أكبر من زلة، اعتذار مغشوش، بل اعتذار خبيث ينطوي على فساد نية الفكر الصهيوني العنصري الذي لا يرى لغير الصهاينة اعتبار أو تقديرا.

ولا زالت تداعيات هذه القصة بين شد وجذب بين الطرفين، ولا زال الهرج والمرج مستمرين حول هذه النازلة الدبلوماسية بين كل المراقبين والمحللين السياسيين على كل القنوات الفضائية الدولية.

وربما أرادت إسرائيل من وراء هذه الحادثة الدبلوماسية، أن تعطي المثال لتضرب عصفورين بحجر واحد؛ فالعصفور الأول القريب، هو معاقبة تركيا على كل مواقفها القديمة والجديدة المناهضة لسياسة إسرائيل، ولو تعلق الأمر بمجرد عمل تلفزيوني درامي تركي يتضمن الإشارة من قريب أو بعيد إلى سلوك الصهاينة المعهود في الغصب والاحتلال والاستيطان.

أما العصفور الثاني البعيد، فهو إيران وما تمثله من تهديد نووي، وقد أرادت بمناورتها العسكرية النووية والجرثومية الأخيرة أن توهم العالم بأنها الأدهى والأقوى. غير أن الخبث والمكر الصهيونيين هما في حقيقة أمرهما علامة جبن وخور وضعف، ولنا في درس الحرب اللبنانية الصيفية الماضية الخير اليقين. فلازالت تداعيات تلك الحرب تظهر على سلوك الصهاينة وردة فعلهم بين الفينة والآخرى. وقد تكون هذه الحادثة الدبلوماسية من بعض آثارها وجروحها.


ترى، أين مكان ساستنا العرب، من الإعراب، في هذه الحادثة الدبلوماسية حاليا ومستقبليا؟. لا جواب ولا حس ولا رد حتى الآن. غير أن مضمون هذه الحادثة المرمز والمشفر لا شك أنه قد وصل بوضوح إلى من يعنيه الأمر من حكامنا وقادتنا الأشاوس…. فإياك أعني واسمعي يا جارة.

الاثنين، 11 يناير 2010

روابط التدوين؛ من الاتصال إلى الانفصال.

تمثل الروابط والوصلات في عالم القراءة الافتراضية ما تمثله الإحالات المرجعية في الكتب والمنشورات الورقية.

والروابط تتوجه في المقام الأول إلى القارئ، حيث تتيح له إمكانيات بديلة للتعرف على الموضوع المُحال عليه من زوايا أخرى قد تكون مماثلة أو مختلفة أو مكملة، كما أنها تبرهن على سعة اطلاع الكاتب والمدون معا، وعلى جهودهما في التوفيق بين أفكارهما وأفكار غيرهما।

والروابط والإحالات تتعدى كونها مجرد إشارة مرجعية لتصبح شكلا من أشكال التواصل مع الآخرين، وحثا للقارئ على الانخراط الدائم في مشروع البحث والتنقيب عن أصول المعرفة أنى كانت مصادرها।

غير أن الروابط في عالم الإنترنت، وبغض النظر عن ما يمكن أن تجلبه للقارئ من فوائد معرفية، قد أصبحت مطلوبة في حد ذاتها لأنها تعد الآن من أهم المؤشرات على شهرة المواقع والمدونات والصفحات الإلكترونية…
ويكفي أن تجرب البحث في الشبكة عن أي كلمة أو صورة أو اسم موقع أو مدونة حتى يأتيك كوكل أو غيره من محركات البحث بكافة روابطها العشوائية المتصلة بها بسبب مباشر أو غير مباشر .
ولهذا السبب قد يعمد بعض أصحاب المواقع والمدونات المحترفين إلى استخدام بعض الحيل التشبيكية الخاصة حتى تصبح مواقعهم ومدوناتهم معروفة أكثر لدى الزوار ولدى محركات البحث।

ترى، كيف يتم التعامل مع تقنيات الربط والتشبيك في واقع التدوين العربي؟
في البداية ينبغي التمييز بين نوعين مختلفين من الروابط؛ فهناك روابط داخلية خاصة بكل مدونة على حدة، وهناك روابط خارجية تصل مدونة ما بغيرها من المواقع والصفحات الإلكترونية المنتشرة على الشبكة؛

ونقصد بالروابط الداخلية مجموع الوصلات التي تربط مضامين الإدراجات الجديدة بالقديمة। وهنا تتجلى عناية المدون بنسق مدونته الفكري المنتظم، مما يجنبه الوقوع في الحشو والتكرار.

أما الروابط الخارجية فنقصد بها كل خيوط التشبيك التي تصل مدونة ما بما يناسبها في الخارج مما هو مدرج على الشبكة.
والروابط الخارجية قد تكون من صنع المدون نفسه حينما يعمد عن قصد واختيار إلى نوع معين من التشبيك الخارجي الذي يناسب سلوكه ومنهجه في التدوين، وقد تكون من صنع غيره، ولا يكون له فيها يد। ربما لأن طبيعة موضوعاته تغري غيره بأن يضعوا لها رابطا واحدا أو أكثر على مدوناتهم ومواقعهم.

وإذا كانت الروابط والوصلات بهذه الأهمية، في خلق وشائج القربي بين المدونين، وفي إيجاد عناصر التقارب بين المواقع والمدونات، فينبغي أن تعطى لها الأهمية التي تستحقها بحيث تكون مميزة باللون أو الخاصية، ثم كيف يمكن للقارئ أن يميز بين كلمة مرتبطة وأخرى غير مرتبطة إذا كان بنط الخط واحدا؟!।

وفي العادة فإن اللون الأزرق الفاتح هو اللون الافتراضي المميز للكلمات والفقرات ذات الارتباط الداخلي أو الخارجي، الجزئي أو الكلي॥

وكما يمكن للمدون أن يفك الارتباط عن الكلمات والفقرات المرتبطة في أي وقت، يمكنه كذلك أن يغير لونها بما يتناسب مع شكل مدونته। من خلال محرر النصوص، أو من خلال لغة الهوتمييل، إن كانت له معرفة ببعض خصائص لغات البرمجة.

ومع أن الروابط مفيدة للقارئ، غير أن كثرتها في الصفحة الواحدة قد تشتت اهتمامه وتطوح به بعيدا عن السياق العام، وخاصة إذا كانت تلك الروابط عشوائية وليست لها صلة قوية بالموضوع الأساسي।

غير أن ما يحبط القارئ أكثر أن تكون تلك الروابط معطلة، بسبب خلل ذاتي فيها عند الوضع। ولذلك لا بأس إذا جرب المدون روابط مدونته أو موقعه، وتأكد من سلامتها من كل خلل قبل إصدارها. فالروابط مثل الأزرار والمفاتيح السحرية لأنها تنقلنا عند الضغط عليها بالمؤشر الرقمي من موضوع إلى موضوع، وترفعنا من مقام إلى مقام.

غير أن الروابط مثلها مثل أي جسر واصل بين ضفتين موجودتين على الأرض يمكن أن تتعرض في أي وقت للتلف والانهيار بسبب الرياح الهوجاء، وبسبب عوامل التعرية التي تتعرض لها حياتنا الافتراضية أيضا سواء بسواء।

وقد يكفي مثلا أن أحذف مدونتي هذه (كلمات عابرة) بضغطة زر واحدة بالعمد أو الخطأ لتتداعى كل روابطها على بعضها البعض كأحجار الدومينو، ولتتحول صفحاتها المربوطة إلى محركات البحث وإلى المواقع والمدونات الأخرى إلى بياض افتراضي.

وربما كانت أهم عيوب الروابط والإحالات الافتراضية أنها قد لا تصمد كثيرا مع مرور الوقت كما تصمد الروابط والإحالات الورقية المحفوظة بعناية في الصناديق أو في المكتبات، وذلك لكثرة العوارض والآفات التقنية في دنيا الإنترنت.

الجمعة، 8 يناير 2010

عندما ينجرف التدوين العربي نحو أساليب الدردشة والتسالي… !!

كانت بنية المدونات العربية، منذ اللحظات الأولى لظهورها، بنية نصية في المقام الأول. ولذلك فقد زودتها كافة المواقع التي تقدم خدمات التدوين بمحرر متطور للنصوص العربية. وبدون هذا المحرر لا يمكن للمدون أن يتحكم في مدونته؛ سواء من حيث شكل وحجم ولون الخطوط والفقرات، أومن حيث الصور واللوحات الخلفية، أو من حيث الروابط والوصلات، أومن حيث كافة الوثائق والملفات المرفقة.
فعمل التدوين، رغم بساطته في الظاهر، يقتضي اكتساب بعض المهارات الأولية في الإعداد والمراجعة। وربما اقتضى الحال معرفة بعض لغات البرمجة الأساسية في مستوياتها البسيطة والمعقدة، وذلك قبل الإخراج النهائي لكل صفحة من الصفحات أو إدراج من الإدراجات।

والمدون مهما بلغت درجته في المهارة والاطلاع والاحتراف فإنه سيبقى دائما أسيرا لكل ما يتجدد في عوالم التقنية على مدار الساعة. خاصة وأن أمر التطور التقني الرقمي لا يمكن أن يوقف له على حد. ولذلك لا يمكن لأي مدون أن يدعي في هذا المقام الكمال والتمام، وأنه قد بلغ الذروة التي ما بعدها ذروة.
كما أنه ليس بوسع أي أحد أن يجحد أهمية التدوين النصي أو ينكر أثره في المحيط العربي العام، سواء في مجال السياسة أوفي الأدب أوفي جوانب الثقافة العامة، وحتى في القضايا التقنية المستجدة।

وقد يكفي للتدليل على أهمية التدوين العربي، باعتباره متنفسا ومستراحا لفئة كبيرة مهمومة مطحونة من الشعب العربي، أنه استطاع في وقت قصير أن يلفت انتباه الرأي العام والخاص، ويثير حفيظة أصحاب القرار في وطننا العربي، حتى أصبحت المدونات مثلها مثل أي صحيفة ورقية معارضة أو منتقدة، عرضة للمصادرة والحجب، وصار المدونون موضع تهمة قد تستدعي سحبهم إلى أقفاص الاتهام، وتقتضي زجهم وراء القضبان، وربما في أحسن الأحوال أداء غرامة مالية قد ينوء بحملها شهورا وسنوات….
غير أن ما أثار انتباهي في هذه الأيام، وبغض النظر عن ما يمكن قوله حول أهمية التدوين النصي في واقع حياتنا الثقافية وعاداتنا العربية، هو زحف صناديق الدردشة والتسالي على مواقع التدوين العربي فيما يشبه العدوى।

فإذا حاولت الولوج إلى أشهر المدونات العربية على موقع (مكتوب) مثلا، فإن أول ما يطالعك ويجذب انتباهك هو صندوق الدردشة متصدرا أعلى الصفحة الأولى، ومتربعا على عرش المدونة كله. فهو تاجها وأساسها الذي قد يلهيك عن ما سواه مما هو محشور في بطن المدونة أو مشتت عند أطرافها.

ولم تعد فنون الدردشة الفورية مقتصرة على مواقعها المتخصصة المعروفة على الشبكة العنكبوتية، أو على الشريط المنسدل أسفل برامج تلفزيون الواقع العربي فقط، بل لقد دخلت المدونات على خطوط الدردشة الساخنة أيضا। وخاصة بعد أن طورت برمجيات كثيرة وبسيطة خاصة بهذا الغرض।
ويمكن الآن لأي مدون مبتدئ تثبيت صناديق الدردشة بسهولة في أي مكان من مدونته، والتحكم في جميع خصائصها ووظائفها وأشكالها وأحجامها وألوانها في أي وقت.

وتتيح صناديق الدردشة لزائر المدونة الفرصة للعثور على أصدقاء كثر موجودين مثله عند الطرف الآخر من نفس المدونة وفي اللحظة ذاتها، مما يشجع على التفاعل والمشاركة، وإن كانت أغلب الحوارات الفورية لا تتعدى عبارات التحية المنمقة، وأكثرها معاد ممجوج يدور في حلقة حلزونية مفرغة فيما يشبه الفراغ والهذيان والعبث।

فليس المهم في هذه الدردشة قيمة الحوارات المتبادلة فيها على سطحيتها وسخفها في أغلب الأحيان، ولكن الأهم هو الشعور الفوري المتبادل بوجود أشخاص كثر حولك أو بإزائك। وربما هذا الذي قد يفسر لنا سر ازدحام الكائنات الافتراضية على مواقع التعارف الاجتماعي الكبيرة ك( الفيس بوك ) مثلا।
والأمر نفسه قد ينطبق على المدونات التي تبيح لزوارها إمكانية التعرف الفوري على الآخرين عبر مربعات ومستطيلات ودوائر الدردشة المختلفة، وإن تم ذلك فيها بشكل مصغر.

ولاشك أن هناك فرقا كبيرا بين التعارف المتراخي على الآخرين عبر التعليق الرزين الذي تتيحه المدونات لزوارها أيضا وبين التعرف الفوري الآني عبر تقنية الدردشة। فالأول يبقى أثره مع مرور الوقت بل يكون محرضا للمدون على الإبداع والعطاء أكثر، كما أوضحنا في إدراج سابق، أما الثاني فيُمحى وجوده إلى الأبد بمجرد حركة شريط الدردشة التلقائي إلى الأمام أو الخلف।

ما أخشاه أن تكون إضافة خدمة الدردشة إلى المدونات حيلة مبيتة من قبل بعض المحسوبين على التدوين العربي لجلب أكبر عدد ممكن من الزوار، وفي ذلك إساءة كبرى إلى شرف التدوين النصي الذي يجتهد فيه أصحابه أيما اجتهاد، وتنقيص من قيمة التدوين الجاد، إن استفحلت هذه الظاهرة أكثر في بيئة التدوين العربي في مستقبل الأيام. خاصة وأن البيئة الافتراضية بيئة معدية، وأن أكثرها يقوم على القص واللصق والمحاكاة والتقليد، وعلى التسطيح والتمييع.

الخميس، 7 يناير 2010

برج الفيل

أُريد لافتتاح برج خليفة المبهر بأضوائه المتلألئة ومياهه المتراقصة في سماء دبي، أن يكون تأكيدا لعافية الإمارات من كل داء وبلاء.
ثم أليس هذا البرج الشامخ الفخم قلبا وقالبا دلالة كبرى على عافية اقتصاد الإمارات العربية المتحدة!. وكأن تاريخ تدشينه الذي وافق بداية عام جديد إنما جاء ليقطع الطريق على كل ناقم حاسد أو متشكك مرتاب.

وكما هي عادة أثرياء حكام العرب، في شغفهم الشديد بتحطيم الأرقام القياسية في البناء والعدل وتحقيق الرفاهية والديمقراطية لشعوبهم على الأرض وفي عنان السماء، فقد جاء هذا البرج ليكون الأعلى والأغلى في تاريخ كل البروج الإنسانية المشيدة من حجارة وطين، أو من فولاذ مضغوط وإسمنت مصبوب ।

ويتحدث كثير من المعجبين العرب عبر المواقع والمنتديات عن هذا الصرح بزهو وانتشاء عظيمين، وكأننا قد خرجنا للتو من نصر حاسم على العدو الصهيوني، مكن من فك الحصار عن إخواننا الفلسطينيين في غزة إلى الأبد …
والذي حملهم على هذا الزهو الطاووسي أن يكون هذا البرج قد حطم ببهائه الثقيل عشرات الأرقام القيساسية المثبتة بالدليل والبرهان في كتاب جينيس دفعة واحدة مع أنه جامد وثابت في مكانه؛ فيكفيه شرفا أنه ضم أعلى مسجد وأعلى مئذنة وأعلى مسبح وأعلى شرفة و أعلى رواق … وهلم علوا.
وهذا البرج لا يعدو في واقع التخطيط العمراني الحديث، أن يكون شبيها بمدينة عادية راقية، غير أنها تنتصب بالعرض وهو ينتصب بالطول…
ولقد تتبع الناس العاديون مثلي هذه الأعجوبة المعمارية، واجتهدوا في استكناه دلاتها الظاهرة والخفية، وذهب ظني وظنهم بعيدا يضرب أخماسا في أسداس، ويطرح آلاف الأسئلة المحيرة للجيوب قبل العقول؛ فيا ترى كم سيكون الولوج إليها لمجرد إشباع فضول الزيارة، قبل أن يسأل عن ثمن إشباع البطن في أحد مطاعمها الفخمة، وما هو ثمن التملك أو الإيجار، بل كيف هو حال فواتيرها الكهربائية والمائية، هل تحتسب بالشهرية أم باليومية، وكم ثمن احتساء كوب قهوة عادية يصعد بها النادل من تحت أو ينزل بها من فوق، وكم هو ثمن بقشيشه أو بقشيش المستخدم أو البواب…!!,

لقد قرأت كثيرا عن أعجوبة برج خليفة في دبي فتعجبت وتحيرت وتساءلت من غير حسد، من أين وكيف؟، ثم قرأت عن أعجوبة الجدار الفولاذي لمبارك في مصر فأشفقت على نفسي وعلى حالتنا العربية من ثقل الفرقة والفقر والعبث وتساءلت: لم وإلى متى…؟

ولعل أهم ما أثار انتباهي في كل ما قرأته عن برج خليفة أن بعض الدراسات المهتمة بالمقايسة والإحصاء استنتجت أن وزن هذا البرج المدني الترفيهي الاستهلاكي، وحبذا لوكان حصنا عسكريا، يساوي مائة ألف فيل । فيل على فيل على فيل …।
أما جدار الفصل الفولاذي الذي أقامه مبارك بين غزة ومصر فيمتد طوله على نفس مسافة مضيق جبل طارق। ولك أن تتخيل العدد الناتج والفارق॥ وتتخيل عدد الفيلة التي يمكن أن تسد مسد جدار العار هذا.

اللهم أجرنا من ثقل الفيل ومن عام الفيل، ومن كل ثقل إسمنتي أو فولاذي يطحننا أو يقهرنا. فنعيى نحن بإزالته ويشقى أولادنا وأحفادنا ببقائه.

الثلاثاء، 5 يناير 2010

محو الأثر الافتراضي.

ماذا لو قررت في يوم من الأيام هجر وتطليق العوالم الافتراضية من غير رجعة، وهذا بعد أن تغلق حاسوبك الشخصي إلى الأبد، أو تحطمه في ساعة كبرياء أو غضب، وتجمع كل أجزائه المتبعثرة وأسلاكه المتناثرة في كيس واحد، وتواريه بعيدا في كيس قمامة كجثة هامدة باردة؛ فلا حرارة ولا نبض، ولا وميض ولا صوت.

وهل يكفي لتفر بعيدا عن العوالم الافتراضية أن تشطب اسمك من القوائم البريدية، حتى لا يلاحقك أحد برسائله المؤنسة أو المزعجة أو المستجدية، وتحذف جميع مدوناتك وصفحاتك الرقمية التي ألقيت بعهدتها إلى محرك البحث العملاق كوكل وإلى كل من يدور في فلكه من أناس وأشباح وقراصنة وفيروسات…، حتى لا يعلق على كلامك وهذيانك قارئ مهتم أو متابع مستهزئ أو متطفل مستهتر।

وحتى إذا ما نجحت في هذه المحاولة لاسترجاع بعض ما لم يفتك، فإنك لن تستطيع استرجاع كل ما فاتك افتراضيا؛ أي: إن الذي لم ينقل عنك بعد فهو لازال في عهدتك ويمكنك استرجاعه والتصرف فيه مرة أخرى بالزيادة أو الحذف، أما الذي نقل عنك بعمليات القص واللصق والتشبيك الرقمي المتسلسل المتشعب فقد صار إلى غيرك ولا يمكنك استرجاعه البتة।

إن من يتورط في العوالم الافتراضية كل هذا التورط كاشفا عن وجهه معربا عن حقيقته العارية، ويتوغل فيها كل هذا التوغل بالتدوين الجاد قد يصعب عليه النكوص إلى الخلف والعودة إلى نقطة البداية حيث خط الرجعة، وحيث لا تابع ولا متبوع. فليس ولوج العوالم الافتراضية كالخروج منها إلا أن تكون لصا محترفا في فنون الاقتحام و فك الأصفاد والأقفال الرقمية، أوجاسوسا يتقن علم الفراسة الرقمية عند الرغبة في اقتفاء أي أثر افتراضي لمحقه ومحوه.
وعلى العموم، فليس دخول العوالم الافتراضية اختيارا كالانسحاب منها اضطرارا।

وربما اعتقد البعض منا عند بداية التحاقه بالعوالم الافتراضية أنه إنما أتى إلى هذا الموقع الافتراضي أو ذاك ليجرب إمكانياته التعبيرية والتخييلية في الكتابة لنفسه فقط। لكنه سرعان ما يكتشف أنه قد حلت به العدوى أو بالأحرى عادة الكتابة، وسكنه عفريت البوح والهذيان، وأنه صار يحرق جزء مهما من طاقاته الذهنية والعصبية والانفعالية ليتحف غيره بإدراج مسبوك على إيقاع الحياة اليومية المتجددة، كما هي عادة رشف فنجان شاي أو قهوة.

ولهذا السبب، ربما اعتبر البعض فكرة التدوين من أجل التدوين نوعا من المثالية في هذا الزمن المعولم الموبوء، وقد لا تستحق كل هذا البذل وكل هذا العناء، في وقت طغت فيه الماديات على المعنويات والكماليات على الضروريات وعلت فيه المصالح الفردية على القيم والمثل الجماعية.
ولكن لا بأس، ففي البدء كانت الكلمة، وإن كانت تنبجس من بين الشفاه، واليوم لازالت تلك الكلمة هي الكلمة، وإن صارت تتدفق عبر الأسلاك أو تأتي إلينا من فوق على أجنحة الأثير الافتراضي الشفاف كمطر السماء الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة، أما في المستقبل البعيد فلست أدري على أي حال أو صفة سيكون إيقاع الكلام।

ونأمل في ختام هذا الإدراج أن يكون بعض ما يعلق بالشبكة الافتراضية عبر مدونتنا المتواضعة (كلمات عابرة) من بعض أنواع الكلام الذي نرجو أن يعم نفعه ويقل ضرره على الناس.

السبت، 2 يناير 2010

اقتفاء الأثر الافتراضي

اكتشف الإنسان عبر التاريخ الطويل الحافل بالتجارب والحروب والابتكارات عدة طرق لاقتفاء أثر الهاربين والمختبئين. ودرَب حاسة الشم لدى بعض الحيوانات الأليفة لهذا الغرض كبعض أنواع الكلاب مثلا.

أما اليوم، ومع تقدم التكنولوجيا فقد حلت أجهزة الاستشعار الكهربائي والحراري والمغناطيسي محل تلك الكلاب المسكينة التي أتعبها الجري وراء المجرمين والتنقيب عن لفافات التهريب، وأصبحت الآلات الصغيرة الدقيقة التي لا تكاد ترى بالعين تقوم بهذه المهمة على أحسن ما يرام.
فالأبواب صارت تفتح وتغلق لذاتها كلما استشعرت حرارة الأجسام الآدمية في القرب والبعد، ومحركات السيارات صارت تشتغل عن بعد أيضا كلما استشعرت صفة مخصوصة لصاحبها في طريقة تنحنحه، أو في كيفية مشيته، أو بإشارة معينة من إشاراته باليد أو حتى بالحاجب.
وحتى قنينات العطر ما عادت تفوح إلا في حضور الناس وإذا ما غابوا أو غادروا البيت كتمت الأنفاس.
لقد صار بوسع إنسان هذا العصر الرقمي العجيب أن يبرمج كل حركة وكل همسة وكل نسمة।

كل هذا يحدث في عالمنا الحقيقي الأول كأنه لون من ألوان السحر، حيث كل شيء يتحرك أمام أبصارنا دون أن نرى المحرك، وكل شيء ينفعل دون أن نرى الفاعل، وإنما هي أمواج كهروميغناطيسية غير محسوسة تروح وتغدو وتحدث من حولنا هذا الأثر أو ذاك।

وإذا انتقلنا إلى عالمنا الافتراضي الثاني وجدنا الناس يجتمعون في مجالس غير المجالس، ويستريحون في مقاهي غير المقاهي، تقودهم إليها عناوين إلكترونية خاصة، لكن ليست كتلك العناوين المعلومة لدى أصحاب البريد العادي والمضمون।

وبوسع الناس في تلك العوالم الافتراضية الموجودة عند أطراف الحواسيب وليس أطراف الحواري والشوارع أن يتحركوا وينفعلوا ويؤثروا دون أن يعرف أحد منا من هم ومن أين جاؤوا كأنهم ضرب من طيف الخيال، فلا لون لهم ولا نكهة غير ما يمكن أن يستشف من دردشاتهم المرموزة على النت। كم واحد من هؤلاء تحسبه شابا وهو كهل، وآخر تظنه أنثى وهو ذكر. إنه حق عالم افتراضي بدون هوية أو خصوصية وكأن الناس فيه ظلال لا تحتمل التأنيث والتذكير ولا التصغير ولا التكبير، فهل هو محاولة للفرار من كل ما هو نسبي على أرضنا وغير مطلق.

وحدها محركات البحث باستطاعتها أن تقتفي أثر هؤلاء القوم الافتراضيين، ولكن فقط من خلال العناوين التي قادتهم إلى هذا الموقع أو ذاك، أو إلى هذه المدونة أو تلك।

وأنا أكتب هذا الإدراج على هذا الموقع الافتراضي كم أتمنى أن أصافح قراءه وأستشعر حرارة أيديهم الآدمية من غير حاجة إلى أداة استشعار الكترونية.

الجمعة، 1 يناير 2010

جدار في القلب

تحفر الدول عميقا في أرضها، وعلى حدودها، لغرض البناء والتعمير لتوطين الناس في مناطق عيش جديدة، بكل مرافقها الحيوية التي تزود الناس بسبل العيش والتواصل..
أما أن تعمد الحكومة المصرية إلى الحفر لتدفن في الأرض حاجزا فولاذيا ضخما له كل هذا السمك وهذا الطول وهذا الارتفاع فهذا يثير في نفس وعقل المواطن العربي العادي أكثر من تساؤل.
إذ لم يعد الحفر في هذه الحالة المصرية هبة للحياة بل منعا وإعداما لها عندما جعلت من بين إخواننا الفلسطينيين في غزة ومن خلفهم سدا.
ومهما كان من أمر الحجج المنمقة التي قدمتها الحكومة المصرية لمواطنيها في مصر وللرأي العام، فإنها لن تصب في الأول والأخير إلا في مصلحة العدو.
وكأنه لم يكف الفلسطينيين ما عانوه خلال الأعوام الماضية من ظلم وحصار وقتل وتدمير حتى طلعت عليهم الحكومة المصرية بخطة الطريق الفولاذية هذه حين لم تنفع كل خطط التفتيش والتضييق الأخرى على الشعب الفلسطيني।

قد يكون جدار الفصل والعار هذا حاجزا لعبور السلاح إلى الضفة الأخرى لبعض الوقت، ولكنه لن يستطيع ردع الفلسطينيين عن الوقوف في وجه الصهيوني الغاصب طول الوقت، لأنه ليس بالسلاح وحده تضرب المقاومة وإنما برباطة الجأش وبالعزيمة التي تسكن بين جوانح وضلوع المقاومين الشرفاء بكل أرض.
وهذا الجدار الفولاذي وإن دفنته مصر في باطن أرضها ليكون سدا باطنيا يمنع تدفق الحياة إلى الجهة الأخرى فقد جثم بكل خزيه وعاره علينا فهو جدار في كل قلب واحد منا।

إنه هديتنا في هذه الأيام التي نودع فيها عاما آخر مضى على أزمة الحصار الفلسطيني في الداخل قبل الخارج، ومن القريب قبل البعيد…
كل عام والناس بكل أرض بألف خير ومحبة.