الجمعة، 31 أكتوبر 2008

مُجمَّعات التدوين العربية

مُجمَّعات التدوين الافتراضية ككتب الفهارس الورقية؛ فإذا كانت غاية الفهارس الورقية حصر أسماء المؤلفين واستقصاء عناوين الكتب التي كانت تظهر في كل عصر، من قبيل كتاب(الفهرست) لابن النديم (القرن: 4 هج) أو الكتاب الضخم (كشف الظنون..) لحاجي خليفة (القرن: 11هج) المشهورين في تراثنا التأليفي بحمع شتات الكتب العربية المصنفة قديما فإن مجمعات التدوين الافتراضية تسعى لنفس الغاية وهي التعريف بأكبر قدر ممكن من المدونات؛ من جهة التعريف بأسماء المدونين وعناوين مدوناتهم، ومن جهة الروابط الإلكترونية الرئيسية والفرعية التي تقود إليها، ومن جهة أنظمة الخلاصات التي تعطي القارئ أو الزائر نبذة عن مواصفاتها ومحتوياتها وجديد إدراجاتها.

وقد تعددت المواقع التي تقدم خدمة التعريف بالمدونات وفهرستها في كل بلدان العالم لامتلاء بيئة التدوين الافتراضي على الشبكة العنكبوتية بعدد لا يعد ولا يحصى من المدونين والمدونات مما يحتاج معه الأمر إلى جمع وتوضيب وترتيب.
ومجموع المدونات التي يتم حصرها في هذا الموقع أو ذاك هو الذي يمكن أن يحدد لنا في نهاية المطاف الفضاء التدويني (blogosphère) لمدينة ما أو لبلد ما أو لمجموعة بشرية ما أو لمجموعة لغوية ما.
وهكذا يمكن مثلا أن نتحدث في هذا الصدد عن مجمع مدونات المغرب أو مجمع مدونات البلدان المغاربية أو مجمع مدوني البلدان العربية، أو مجمع المدونين بلهجة ما أو بلغة ما في هذه الجهة أو تلك، أو حتى عن مجموع مجمعات تدوينية دفعة واحدة.

وقد كان المدونون أنفسهم هم أول من حاول جمع شتات زملائهم المدونين في نطاق واحد قبل أن تنتبه إلى ذلك المواقع المختصة بالفهرسة. وفي هذا الصدد لا بد من الإشادة بمجهود الأخ العربي الذي كان من أول المدونين المغاربة القدامى الذين وضعوا الخطاطة الأولى ل(البلوغوما) المغربية في نسختيها الفرنسية والعربية قبل أن تكثر مجمعات التدوين العربية الأخرى كثرة هائلة.
ولكل مجمع من مجمعات التدوين العربي شروطه الخاصة لقبول هذه المدونة أو لهذا الموقع في لوائحه وقوائمه، وذلك حسب التوجهات الفكرية أو السياسية أو الفنية أوالميول الشخصية أو طبيعة العلاقات التي تربط ذلك المجمع بنوع معين من المدونين.
وأنا هنا لست ضد وضع الشروط لترشيح مدونة ما في هذا المجمع التدويني أو ذاك إذا كان المنطلق ديموقراطيا وإذا كان الهدف نبيلا يسعى للرقي بقيمة التدوين العربي وتمييز جيده من رديئه، ولكنني ضد المجمعات التدوينية التي تضع شروطا مجحفة لجعل مجال التدوين العربي حكرا على بعض الأسماء دون بعض.

وجميل أيضا أن يكون فهرس بعض المجاميع العربية شاملا مفتوحا للجميع من غير قيد أو شرط، غير أن هذه الشمولية إذا لم تكن منظمة فإنها تصبح فوضى؛ وحبذا لو وزعت فهارسها إلى قوائم متمايزة مستقلة؛ فتكون هناك قائمة خاصة بالمدونات التقنية وأخرى خاصة بالمدونات الأكاديمية وأخرى بالمدونات السياسية وأخرى بالمدونات الترفيهية وهكذا دواليك، أو على الأقل أن يكون ترتيبها أبجديا كما هو حال الفهارس الورقية..
وحتى المواقع المستضيفة للتدوين تحرص على وضع فهرسة نموذجية خاصة بها، ولكنها فهرسة بعيدة عن الموضوعية لأنها في الغالب لا تخرج عن مجال الدعاية إما لأكثر المدونات انتشارا أو لأكثرها تعليقا لديها، مما يفسح المجال لأشكال مختلفة من التحايل والغش من قبل بعض المدونين المتسلقين الذين لا هم لهم إلا تصدر تلك الواجهة الدعائية لأطول فترة ممكنة.

ولكي يأخذ التدوين العربي مساره الصحيح ينبغي أن يكون الوعي بقيمة التدوين كحركة تقنية وفكرية ملائمة للتعبير عن روح العصر الجديد شعورا مشتركا بين المدون من جهة أولى وبين مواقع الاستضافة من جهة ثانية، وبين مجمعات التدوين من جهة ثالثة.
فإذا كانت الرؤية مشتركة والأهداف واحدة بين هذه العناصر الثلاثة بعيدا عن كل مصلحة ذاتية ضيقة أمكن الحديث عن بيئة تدوينية عربية جديرة بالاحترام والمصداقية.

ليست هناك تعليقات: