الأربعاء، 8 أكتوبر 2008

نهاية أمريكا؛ هل هي نهاية العالم...؟

منذ أن بدأت أركان بيت المال الأمريكي في التضعضع خلال الأيام القليلة الماضية والتقارير الاقتصادية تتصدر نشرات أخبار تلفزيونات العالم الأرضية والفضائية على مدار الساعة. وتلك سابقة لم نعهدها منذ الانهيار الكبير لبيت المال العالمي سنة 1929 .

وقد صار اللون الأحمر علامة مميزة لأسواق البورصة من خلال شاشاتها التي تلونت بلون الدم في هذه الأيام الخريفية القاتمة شاهدة على طاعون مالي أمريكي رهيب لا يبقي ولا يذر، وقد بدأت نذره الوبائية تنتشر انتشار النار في الهشيم في كثير من عواصم المال القطرية والعالمية شديدة الحساسية تجاه أنفلونزا الاقتصاد والمال...

وقد غدت عيون المستثمرين والمساهمين التجاريين وأصحاب الودائع والصكوك والسندات ورؤساء الأموال وأصحاب الشركات والمعامل والمضاربين لا تفارق شاشات العرض الموصولة بشريان الاقتصاد الأمريكي الموبوء، لتصيبهم بالذعر والهلع وتجعلهم يضربون أخماسا في أسداس وليهرع الجميع إلى المجازفة والبيع السريع لاسترجاع جزء صغير من رأس المال بركام هائل من الخسارة. قنطار علاج مقابل درهم وقاية، على عكس المثل المأثور..

ومن وراء كل ذلك محللون اقتصاديون حائرون مترددون، وأنفاس وزراء المالية والاقتصاد في بلدان العالم كما في بلداننا العربية المهيبة محبوسة وأيديهم على قلوبهم وخياشيمهم داخل غرف مغلقة مخافة العدوى في انتظار حدوث معجزة تعيد نبض قلب البورصة الأمريكية من جديد بعودة المؤشر الأخضر إلى شاشات العرض المالية الإلكترونية.
ولكنهم قد يخرجون بين الفينة والأخرى عن صمتهم للظهور على الملأ لشرح واقع الحال الاقتصادي في الداخل الذي يزعم كل واحد منهم ويقسم بملء شدقية أنه لم يتأثر بعدوى الرياح الاقتصادية الموبوءة القادمة من بلاد العم سام ببركة السماء وببركة الدعاء: ( اللهم حوالينا لا علينا)، مع أن الوقائع ومجريات المال الملموسة على مستوى حركة الاقتصاد وسيولة المال تكذب كل أفاك أثيم يجازف بمدخرات بسطاء الناس الذين لا يعلمون على أي حال سيكون غدهم في صبح أو مساء.

ولكن، ليطمأن رعاع الشعب المغربي المسحوق الذي لا له ولا عليه في هذه المسألة كلها قانعا بالكفاف والعفاف والغنى عن الهمبورع الأمريكي على سلامة بيته ومعدته الحديدية التي قدت من عدس... ركن معدتي حديد سقف بيتي قصب، على غرار الأنشودة المعلومة التي حفظناها والتي حُقنا بها أيام الصغر مع لقاح داء (السل) و(الكزاز) و(بوحمرون) وبقية الأمراض الفتاكة المبيدة للنسل...

انهيار اقتصاد أمريكا بهذه السرعة بدا لكثير من الناس الذين سمن كيسهم بالذهب وودائع المال المكدسة كأنه يوم قيامة حل قبل الأوان، حيث الكل يتساءل ويسأل ويستعرض صفحات ما اقترفت يمناه أو يسراه. فمن المُليم ومن الملام في عالم مختلط متشابك حيث الكل متهم والكل متورط، وحيث القارض والمقترض، وحيث الضارب والمضروب، وحيث أنا وأنت سواء فيما أصابنا من مُصاب ماما أمريكا سيدة العالم وعرابة وخالة الجميع.... !!

ومهما تعددت الأسباب فإن موت ماما أمريكا واحد... أو ليست ماما أمريكا كباقي السيدات الشقراوات عندما يكن في أوج طراوتهن وإقبالهن على متع الحياة وعلى رجال المال والأعمال؛ أوليس اسم كل حسناء شهيرة يكون في العادة مقترا باسم رجل شهير بماله وشركاته وقضه وقضيضه ثم ما يلبثن أن يختمن مشوارهن بعمليات جراحية تشوههن أكثر مما تجملهن!! ...

يالسخف الموقف ويالسخرية كثير من التعليلات التي تجعل كل فرد من العالم مسئولا عما حدث لماما أمريكا بسبب ما اقترفه في حقها أو لمجرد سوء نيته تجاهها وعدم إبداء رغبته في التعاون معها، وهي التي مدت خرطومها المؤيد بقوة السلاح والجند والنار بعيدا في كل مكان من العالم للشفط ثم الشفط حتى يكون للأمريكي وحده حق الإنفاق في الداخل كيف يشاء كأي طفل قاصر مدلل همه في أكله وفي لهوه وفي عبثه ومجونه..!!

هذا أوان نضج مزرعة الشر التي أينعت في عهد عراب حروب هذا القرن جورج بوش، وقد آن أوان قطافها، علها ترتدع لتكف أيديها وترفع وصايتها عن فلسطين وعن العراق وأفغانستان وبقية شعوب العالم المستضعفة.

ليست هناك تعليقات: