الأحد، 2 مارس 2008

ضربني وبكى، سبقني واشتكى

هذا المثل الذي جعلناه عنوانا لهذا الإدراج خير تعبير يمكن أن يختزل حقيقة الوضع المأساوي لإخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة، إذ تعجز الكلمات في هذا المقام العصيب عن وصف الألم الذي يعتصر القلوب الدامية لكل الشعوب العربية المستضعفة إزاء ما يقترفه الصهاينة في هذا القطاع المحاصر على مدار الساعة من حرق وتقتيل وإبادة.

والمضحك والمبكي في الأمر أن الكيان الصهيوني نفسه يتذرع بهذا المثل عبر ناطقيه الرسميين في الجيش والخارجية الذين يجأرون به بلغة عربية فصيحة كلما استدعوا إلى مايكروفونات بعض القنوات الإذاعية أو التلفزيونية الناطقة بالعربية.

والمفارقة العجيبة أني لم أسمع أحدا من الممثلين العرب الرسميين في الشؤون الخارجية أو الداخلية قد أخذ العزم على الجهر بهذا المثل ولو مرة واحدة، مع أنهم في سياق ما يجري حولهم من أحداث وملابسات أحق به وأولى، وكأنهم قد سحبوا من لسانهم، أو كأن الصهاينة قد صادروه من قاموس لغتهم العربية،على عادتهم في المصادرة والمداهمة، فأصبح عندهم نسيا منسيا.

ومع أن صواريخ القسام الغزاوية البدائية التي لا تكاد تساوي في ميزان معادلة الحرب والردع شيئا يذكر فإن مدلولها في ميزان المقاومة المشروعة للمحتل المتجبر الغاصب شيء عظيم في حق الله والوطن والتاريخ. غير أن الصهاينة يعتبرون تلك الصواريخ أو الأنابيب الحديدية ذريعة كافية لمصادرة شعب بكامله في حقه وفي أرضه وفي عرضه، وليعلنوها أمام الملأ محرقة كبرى لا تبقي ولا تذر.

ثم يأتي بعد ذلك مجلس النفاق الدولي وبعد أن يُعطى للصهاينة من الوقت والضوء الأخضر ما يكفي وزيادة ليفعل الصهاينة بغزة ما يشتهون من أفعال البطش السادية، ومن الذرائع ما يخلي ساحتهم من كافة المسؤوليات التاريخية والأخلاقية والقانونية. بل وليقف هذا المجلس بسبب الفيتو الأمريكي عاجزا، كما عودنا في كل مرة، عن استصدار أي قرار صغير الحجم ضعيف اللهجة بالإدانة.

وكل ما يرجوه عالم النفاق الدولي الذي تقوده أمريكا وترعاه ببوارجها التي تمخر عباب المياه الإقليمية العربية عنوة وجبروتا، وبقواعدها العسكرية الجاثمة على قلوب معظم الحكومات العربية عدم الإفراط في استعمال القوة… !!

صحيح، لا يملك المواطن العربي أمام مشهد النزيف الفلسطيني وأمام فصول هذه المهزلة السياسية العالمية التي تورط فيها حكامنا العرب وأذعنوا لها منذ بداية اللعبة، ولم يعودوا يملكون إزاءها حولا ولا قوة إلا أن يموت بالغيظ والكمد حتى تنفجر مرارته أو الصراخ في بيداء قاحلة لا مجيب فيها حتى ينقطع صوته فيحل به وباء الخرس والعمى الذي حل بحكوماتنا العربية المهيبة ..!!

ليست هناك تعليقات: