السبت، 8 مارس 2008

بعض تداعيات اليوم العالمي للمرأة

ثامن مارس هو اليوم العالمي الموعود من كل عام للاحتفال بعيد المرأة.
وفي هذا اليوم فقط من بين سائر الأيام كلها يطغى خطاب التأنيث قليلا أو كثيرا في وسائل إعلامنا العربية، كل بلد عربي حسب درجة فحولته اللغوية ومبلغ حصانته الفكرية الذكورية ضد تاء التأنيث ونون النسوة.

المهم أن تاء التأنيث تحضر بقوة في هذا اليوم في بلدنا المغرب، على غير العادة، سواء في المنابر الخطابية أو في الملتقيات النسوية أو عبر الشاشات والجرائد والصحف المستقلة أو الحزبية. ويشعر المرء وكأن الرجال قد أزيحوا من الواجهة لبعض الوقت أو كأنهم قد أجبروا على الرجوع إلى آخر الصف في نوع من الحياد والصمت الذي يسبق هبوب العاصفة. وإن كنت لا أعلم بالضبط طبيعة نوايا الرجل العربي الحقيقية حيال هذا الاحتفال؛ أهو فعلا إقرار واعتراف، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مجاملة واستلطاف؟.

وتذكرت في هذه اللحظة التي استبعد فيها الرجال من دوائر هذا الاحتفال في هذا اليوم الاستثنائي كيف كانت نساء قريتنا يتحايلن على أطفالهن الذكور لإبعادهم وإقصائهم عن مجالسهن الحميمية الخاصة عندما كن يلتقين عند الطاحونة، أو عند عين الماء الجارية حيث يتزودن بالماء وينظفن الملابس، أو عند رجوعهن من السوق الأسبوعي بعد أن يلتقطن بأجهزة الرصد الغريزية لديهن جديد أخبار السوق قبل أن يعدن إخراجها وبثها في أنحاء القرية بشكل جذاب مختلف مرة ثانية.

وقد انطلقت في ربوع بلدنا السعيد بهذه المناسبة أسوة ببقية دول العالم المتحضر الأمسيات والحفلات والسهرات المعدة من طرف النساء والمحجوزة لهن خصيصا. ويتوج مشهد الاحتفال في قناتنا الثانية كما في كل عام بتوزيع (الخميسة) على عينة من النساء المتوجات كرائدات ومكافحات في مجال من مجالات الأنشطة النسوية الجماعية، حتى لو تعلق الأمر أحيانا بتربية قطيع الماعز أو استخراج زيت اللوز أو أركان بالطريقة العصرية وبالتلفيف الناعم المتحضر.

مع العلم أن هناك في كثير من القرى المغربية النائية نساء أضعن عمرهن كله في جني غلال البرتقال والزيتون في ضيعات الإقطاعيين أو الجري وراء قطعان الماشية في العراء والبرية حتى تيبست أجسادهن بحرارة الشمس وحفرت في وجناتهن المتجعدة قبل الأوان أخاديد البؤس والشقاء العميقة.

و(الخميسة) عبارة عن مجسم صغير صنع على هيأة كف بالأصابع الخمسة المبسوطة وبلون ذهبي، ربما درء للعين وتجنبا لحسد وكيد الرجال.

وقد ذكرتني تلك (الخميسة) الذهبية بالخميسة البلاستيكية التي يعلقها سائقو شاحنات نقل البضائع والحيوانات والبشر ببلادنا داخل مقصورة القيادة ليس احتفاء باليوم العالمي للمرأة المزعوم، وإنما فقط تيمنا بالبركة وتعلقا بحبال النجاة والسلامة. وقد كتب عليها دعاء الركوب، وآية الكرسي وتتوسطها عين واحدة مفتوحة. ربما اختصارا لعبارة (عين الحسود فيها عود )، أو ربما تكون رمزا لعناية الله التي ترعانا من فوق سبع سماوات.

لكن، هناك ملايين النساء في مغربنا وفي العالم أجمع قد لا يعني لهن هذا اليوم شيئا في قاموس حياتهن اليومي الذي يكدحن فيه كدحا دون أن يشعر بهن أحد…. و كم من الأشياء التي نأكلها أو نستهلكها في حياتنا العادية فيها أكثر من لمسة أنثوية خفية…!!

وحتى أحداث غزة الأليمة قد تحولت ببركة هذا اليوم السعيد فجأة إلى يوم لنصرة المرأة الفلسطينية. وهي الثكلى المفجوعة في كل وقت والحاضن الطبيعي لروح المقاومة في تفان وصمت… !!

ليست هناك تعليقات: