الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

درس الصين العظيمة

كان عنوان هذا الإدراج أول الأمر :(درس الصين العظيم) على غرار: (سور الصين العظيم) غير أن المدقق اللغوي الإلكتروني أرسل لي رسالة جانبية يقول فيها لابد أن يتفق النعت والمنعوت في العدد والنوع مقترحا استبدال كلمة (العظيم) بالكلمة (العظيمة) لتصحيح الخطأ، فأذعنت لاقتراحه على الفور.

فلا شك أن أمة الصين أمة عظيمة ليس فقط بعدد سكانها الهائل الذي يناهز المليار ونصف بل بفاعلية هذا العدد الضخم وقدرته على الإنتاج والعمل وصناعة حياة صينية عصرية متجددة ومحافظة على كل تقاليدها الروحية الموروثة، ليس فقط داخل حدود سور الصين العظيم بل خارجه أيضا.

فكل ما يمكن أن يخطر على بالك من منتج صناعي صار مستنسخا بالآلاف في المعامل والأوراش الصينية من الإبرة حتى الصاروخ كما يقال، وحتى البلغة المغربية التي طالما افتخر بها الصانع التقليدي المغربي استنسخها الصينيون بالآلف المؤلفة وأغرقوا بها الأسواق المغربية كما أغرقوها من قبل على عهدنا نحن عندما كنا صغارا بالسروال الأزرق الصيني وبالحذاء البلاستيكي الأبيض الشفاف (الصندالة) الذي كان يصلح لكل أيام الشتاء والصيف، هذا عندما كان الشتاء شتاء والصيف صيفا..

فكرت في الأمر جديا بعد أن تابعت دورة بيجين الأولمبية التي شهد بحسن تنظيمها القاصي والداني، والتي كانت دورة صينية بامتياز شكلا وروحا وحصادا، وبعد أن تناهى إلى سمعي عزم الصين على إرسال سفينة فضائية مأهولة إلى الفضاء الخارجي في الأيام القليلة المقبلة، وقلت في نفسي: لو كانت أمتنا العربية بهذا الحجم السكاني الهائل، وعلى ما نحن عليه من التخلف والشقاق والخنوع والركون إلى السلامة وحب الاستهلاك والاقتتال مع قلة العمل لكان واقعنا أسوا مما هو عليه الآن بأضعاف مضاعفة..

أمة الصين العظيمة هذه تكدح وتعمل ويكاد لا يسمع لها حس أو ركز، وأمتنا نحن تكتفي بإرخاء ذيولها اختيالا وغرورا وقد صارت كالرحى تملأ الفضاء ضجيجا ولا ترى لها طحينا...

وشهر رمضان الذي هو في الأصل شهر المجاهدة والجهاد والعمل والتزود قبل أن يكون شهرا للصوم قد تحول إلى شهر متعة وطرفة واسترخاء وفرجة حيث يكاد شهر رمضان أن يختزل داخل كل بيت عربي في مستطيل الشاشة.

ليست هناك تعليقات: