الاثنين، 28 ديسمبر 2009

مدونو الإنترنيت.. كتاب اليوم والغد.

بالأمس القريب جدا كان من الصعب أن يظهر أحدنا على جمهور القراء إلا من خلال نشرة ورقية مكلفة للمال والجهد والوقت.

ولم يكن الطريق سهلا على أي كاتب ورقي مبتدئ ليُعرف بين عموم القراء معرفة أولية قبل أن يعلو سهمه قيلا أو كثيرا في سوق المطبوعات والمطويات ويشار إليه بالبنان.
فإن لم يكن مدعوما بالوساطة والمال ويئس من اكتساب ود القارئ اضطر إلى إقبار بنات أفكاره قسرا داخل خزانة محكمة الإغلاق حتى يقيض الله لها ناشرا يبعث فيها بعض دماء الحياة من جديد، على قدر ما يسمح به واقع النشر العربي الموبوء بأمراض الفرقة والتخلف والمحسوبية والزبونية।

أما اليوم وبفضل نعم التكنولوجيا، وبعد أن فتحت أبواب السماوات الافتراضية على مصراعيها أمام الصغير والكبير، والجاهل والعالم، والغني والفقير، فقد رُفع عن جميع المدونين الحالمين التواقين الحرج، وانتفت كل الأسباب القوية وغير القوية لوأد بنات أفكارهم الكبيرة داخل جماجمهم الصغيرة।

وأنت تقلب صفحات الإنترنت تمر أمامك عينيك آلاف المدونات والصفحات الإلكترونية من كل لون وحجم وصنف، يبهرك ذالك المجهود الرائع المتجدد الذي يبذله أصحابها في وضع العناوين، وفي التنسيق وفي التخطيط والتصميم।

قد يتناقض في كثير من الأحيان محتوى المواد المدرجة داخل مدونة ما مع شكلها الفني المبهر، فتشعر أن صاحب هذه المدونة منشغل أكثر بالطلاء والألوان، ولذلك فهو لا يكتب بضع كلمات حتى يضع إلى جانبها عددا هائلا من الأيقونات والصور، وكأن أبجدية الحروف المكتوبة ما عادت تكفي في زمننا هذا للإفهام والإبلاغ।

ولكن، هناك مدونات أخرى قد استغرقها الحرف جملة وتفصيلا، وغاص أصحابها بواسطته فقط، ومن غير استنجاد بالصور، على أفكار لؤلؤية فيها قدر كبير من اللمعان والإشراق والقوة والعمق، وكأن أصحابها قد خرجوا توا من رحم الإبداع، فحرارة المخاض الإبداعي تنبعث بين كلماتهم وحروفهم كما الخبز الطازج الطري الذي خرج توا من الفرن حين تقسمه نصفين।

لا أستطيع أن أنكر على نفسي أنني صرت أستفيد وأستمتع بقراءة المدونات، وقد صارت قراءة المدونات لدي عادة। وفي كل يوم يسعفني صيد الإنترنت باكتشاف المزيد منها.

غير أن الإبداع الرقمي الجيد وإن عز وجوده ضمن هذا الركام الهائل من التراب والغبار الافتراضيين يبقى علامة مضيئة تهدي درب السالكين فيه من كل فج عميق، يتسللون إليه لواذا عبر محركات البحث لا محركات السيارة أو نعال الأقدام حين تقودهم إلى كشك صحف وجرائد ومجلات منتصب على قارعة الطريق، أو مكتبة ورقية مهجورة داخل دروب المدينة العتيقة، وقد ضربت عليها العنكبوت بنسجها.
فهل آن الأوان لكي يستحق بعض مدوني الإنترنيت المتميزين صفة أدباء وشعراء وكتاب ومبدعي اليوم قبل الغد، خاصة وأن التدوين ابن اليوم والساعة، وتواريخ كل ما هو مدرج في واقع الكتابة الافتراضية صارت له بمثابة شهادة الميلاد।
لا شك أن التراخي الزمني في الكتابة والنشر الورقيين قد ولى، وأن طفرة الإبداع الرقمي الجديد صارت تحسب بالدقيقة والثانية।

وقد يكفي أن أرسل هذا الإدراج، بعد أن فرغت منه في هذه اللحظة، على الشبكة العنكبوتية من غير حاجة إلى متعهد أو ناشر، بمجرد ضغطة زر واحدة أقل في حساب الزمن من طرفة عين، لتنتقل ملكية هذا الإدراج إلى كل قارئ افتراضي قريب مني أو مقيم في منطقة نائية.

الأحد، 27 ديسمبر 2009

عالمك عند أطراف أصابعك… !!

لم يحدث في أي عصر من عصور المعرفة الإنسانية السابقة أن كانت الجماجم البشرية، بما ضمت من فكر وشجون وخيال، متصلة مع بعضها البعض كل هذا الاتصال، ومجتمعة كل هذا الاجتماع على جد أولهو، ومتفقة كل هذا الاتفاق على صلاح أوفساد وعلى رشد أو ضلال.

فما أروع طفرة الإنترنت التي نعيشها اليوم، وما أقدرها على كل هذا الاستيعاب المباح المتاح على مدار الساعة والوقت، من النقيض إلى النقيض، ومن الأقصى إلى الأدنى، ومن الرفيع إلى الوضيع ومن التقي إلى الخليع…!

لقد اختزلت العوالم الافتراضية كل العوالم الأخرى الكبيرة المتعددة المؤتلفة والمختلفة في عالم واحد متناهي الصغر يُستكنَه فقط بالسمع والبصيرة والبصر.

ولقد قرنت في نطام واحد مجهودات كل العقول والقرائح والأحلام والأوهام البشرية المتفرقة السابقة والحالية في جوف افتراضي واحد جامع مانع لاقرار له ولا أول له ولا آخر.

وقد جعلت كل المسافات الطويلة والقصيرة الآن عند أطراف الأصابع، وفي متناول اليدين بدل السعي بالقدمين، من غير حاجة إلى بذل أدنى جهد عندالحركة والانتقال من مكان إلى مكان.

إننا نعيش حالة من الديموقراطية المعرفية الافتراضية الفوضوية اللذيذة بكل مذاقاتها الشهية والمقززة في بعض الأحيان، غير أنها لاتحتاج كي تنتظم إلى خطيب منبري مُفوه أو صاحب سيف أو جاه أو سلطان.

وكل واحد منا يعيش هذه الحالة الديموقراطية الافتراضية على هواه حين يغوص أو يرخي شباك صيده في بحار الأنترت العميقة أو الضحلة.

السبت، 26 ديسمبر 2009

سر الغمازات الضوئية على الطرقات المغربية

تستخدم غمازات السيارة في العادة للتنبيه، فالضوء الكشاف المسلط علينا من الأمام أوالخلف علامة انتباه قوية تحفز بسرعة على العودة إلى الوضع السليم على الطريق عند الغفلة أو الشرود।

ولكن لاستخدام الغمازات الضوئية مآرب أخرى تتعدد وتتلون بحسب اختلاف المغاربة في السلوك والثقافة والمهن ووسائل العيش.
وهكذا يتحول وميظ الكشافات المتقطع والمتموج والسريع والبطيء إلى إشارات ورسائل كثيرة تفيض بالمعاني والدلالات مما قد يستدعي رسالة سيميولوجية خاصة।

غير أن مرجعية تلك الدلالات والإشارات تبقى محصورة بين أصناف مستعملي مختلف الطرق المغربية السيارة وغير السيارة في هذه الجهة أو تلك؛ فلأصحاب شاحنات نقل البضائع علامة ضوئية مخصوصة، ولأصحاب التهريب ترميز ضوئي آخر ربما يكون أكثر تعقيدا والتواء، وللخطافة وأصحاب النقل البشري السري في القرى والمداشر علامة ضوئية أخرى تتناسب مع طبيعة سياراتهم المهترئة، بل وحتى لأصحاب السيارات المخملية الفارهة ذوي الوسامة والوجاهة والمكانة العالية…

ولكن مهما تعددت وتنوعت لغة الغمازات الضوئية لدى المغاربة عموما بحسب الوظيفة أو الصنعة أو المكانة أو الجهة فإن لهم إشارة واحدة تفهم بحسهم الغريزي الواحد الذي يجمعهم ولا يفرقهم. وفحوى تلك الإشارة يقول: بالقرب منكم في هذا الاتجاه أو ذاك وفي هذا الطريق أو ذاك يكمن رجال الدرك أو الشرطة، خلف شجرة أو خلف رابية.

الجمعة، 25 ديسمبر 2009

نخيل المغرب يزهر في موسم الشتاء

من يتطلع إلى شماريخ نخيل مدينة مراكش في أيام الشتاء هاته يلاحظ أمرا خارجا عن مألوف طبيعة أشجار النخيل؛ فقد خرجت عراجينها المزهرة قبل وقتها المعتاد بثلاثة أشهر أو أكثر. إذ المألوف والمعروف عن النخيل أنه لا يزهر إلا مع بداية شهر مارس أو أبريل.

وكنت أعتقد أول الأمر أن هذه الظاهرة محصورة في نخيل مراكش لعلة مرضية، غير أن الروبرتاج الذي بثته قناة المغرب الثانية في نشرة الظهيرة ليوم أمس أكد لي أن هذه الظاهرة الغريبة تعم نخيل المغرب كله। وحتى مزارعو النخيل في مناطقه المشهورة بالمغرب كزاكورة والراشيدية قد استغربوا لهذا الأمر وانتابتهم شكوك كثيرة حول مصير غلة نخيلهم المرتقبة. فمن الممكن أن تتأثر تلك الغلة المبكرة جدا برطوبة الشتاء، فالنخيل بأي أرض كان يحتاج إلى عدد معلوم من الأيام المشمسة جدا حتى ينضج على نحو جيد، والرطوبة الزائدة إن لم تتلف ثماره فقد تحد من جودتها.

ترى ما السبب في هذا التحول العجيب في الساعة البيلوجية لنخيل هذا العام؟ هل الأمر يعود إلى بداية خلل غير طبيعي في مناخ الأرض يمكن أن يقلب حياتنا على هذا الكوكب رأسا على عقب، حيث كل شيء يصير بالمقلوب॥ !!

وبعض خبراء الزراعة الذين تم استجوابهم قالوا عن الظاهرة إنها استثنائية لكنها قد تصبح ممكنة وطبيعية إذا ما توفرت لها الظروف الملائمة، خاصة وأن المغرب قد شهد السنة الماضية أمطارا قياسية أعقبتها حرارة صيفية قياسية أيضا مما حفز شجر النخيل على هذا الإزهار المبكر غير المعتاد।

وأنا أقلب صفحات الإنترنت وجدت هذا الموضوع المفيد عن النخيل، وهذا رابطه لمن يريد الاستزادة حول موضوع شجرة النخيل والعمليات الزراعية المرتبطة بها.

الخميس، 24 ديسمبر 2009

ويسألونك عن العلل والأسباب الافتراضية…. !!

لكل علة افتراضية سبب مزمن أو طارئ. وقد طال اغترابي وبعدي عن العوالم الافتراضية حتى يئست من الرجوع إليها بعد أن تبدد شملي الافتراضي وذهب كل واحد من أصدقاء وزوار مدونتي (كلمات عابرة) في سبيله، يرجو دارا غير الدار، ويطرق بابا غير الباب.

وقد بقيت خلال هذه المدة الطويلة أرقب هذه المدونة عن بعد خلسة كأني غريب عنها أو كأني لست ذاك الشخص الأول الذي أسس قواعدها الأولى من عناصر كوننا الافتراضي التى لا تعدو أن تكون دوائر كهربائية وأزرارا وشاشة ضوئية، فكنت بين اللحظة واللحظة كمن يعاين طللا دارسا عصفت به ريح الصحراء الهوجاء ونثرت أشلاءه المتساقطة على الطرقات المتفرقة بعد أن غادره أحباؤه وساكنوه।

والآن، صرت أومن، أكثر من أي وقت مضى، بأن البيوت الافتراضية كالبيوت الحقيقية تماما؛ فإذا ما غادرها أصحابها لبعض الوقت حلت بها الوحشة وأطبق عليها السكون. وربما صارت، لا قدر الله، مرتعا للخفافيش والذئاب والفيروسات التي تنشر فيها الخراب والفساد والدمار، لتغدو أثرا بعد عين، وكأنها ما كانت إلا لتزول.

ولقد ترددت كثيرا في العودة مرة أخرى عبر بوابتي (كلمات عابرة) إلى أصدقاء هذه المدونة القدامى والجدد، ولقد هممت أكثر من مرة بتسليم مفاتيح الولوج إليها إلى سلة النسيان من غير رجعة، وفي أحسن الأحوال إلى عهدة الزمن الافتراضي ليفعل بها ما يشاء؛ فإما أن يحييها عبر محركات البحث أو يحفظها لبعض الوقت في الأرشيف الافتراضي المهمل، حيث تتراكم المدونات على المدونات والمواقع على المواقع، كما هوحال مقبرة سيارات الخردة، حيث العربات المتهالكة يركب بعضها بعضا بدل أن يركبها الناس، وإما أن يرديها ويتلفها إلى الأبد।

وها قد مرت قبل أيام قليلة الذكرى الرابعة على إنشاء هذه المدونة المتواضعة دون أن أنتبه أو أُنَبه إلى ذلك. وأنا هنا لا ألوم أحدا بل ألوم نفسي أولا وأخيرا، فأنا أقر على رؤوس الأشهاد وفي بورصة التداول الافتراضي اليومي بأن هذه السنة الأخيرة من عمر مدونتي كانت عجفاء من حيث العطاء، وذلك بالنظر إلى المقالات القليلة المدرجة فيها، فهي عند العد لا تتجاوز أصابع اليدين فضلا عن القدمين.
وأنا أعتبر هذا الشح نوعا من الكسل الافتراضي الذي ألم بي، إن لم يكن نوعا من تبلد الجوارح والأفكار لدي لأسباب نفسية ولأخرى خارجية عارضة لا علاقة لها بالعوالم الافتراضية، بل تدخل ضمن نكد الحياة اليومية من حولنا التي قد تذهلنا أياما وأياما حتى تحدث غشاوة البصيرة ويصدأ سيف العقل.

وأنا هنا في هذا الإدراج الافتتاحي الجديد، وبعد هذا الغياب الطويل لست بصدد التبرير أو التفسير لحالة هذا الغياب الافتراضي الطويل الذي ناهز ثمانية أشهر كاملة حتى كاد أن يصبح لدي حالة مزمنة…

وقد يكفيني في هذه اللحظة أنني فكرت وقدرت ثم عزمت على الرجوع। غير أنني أشعر كأنني أبدأ من الصفر، فالرؤية لدي غير واضحة، وأناملي لا تطاوعني كثيرا على الاستجابة السريعة عند ملامسة الأزرار ر كما في السابق. فالأفكار لازالت تتفاعل في داخلي وفي كياني، وعسى أن تتمخض في القريب العاجل عن بعض ما يمكن أن يكون مفيدا وممتعا لزوار هذه المدونة الكرام.