الأربعاء، 12 نوفمبر 2008

إعلانات كوكل تغزو المدونات العربية

بدأت حمى الإعلانات في الانتشار التدريجي عبر المواقع والمنتديات وحتى المدونات منذ أن أضافت كوكل خدمة الإعلانات المبوبة عبر نظاميها المعروفين: (ADwords) و(ADSenSe) إلى باقي خدماتها الكثيرة التي يعرفها القاصي والداني؛ فحيثما وجهت صوبك نحو المواقع الافتراضية الكبيرة أو الصغيرة المشهورة أو المغمورة في هذه الأيام إلا وطالعتك الإعلانات من كل جانب ومن حيث لا تحتسب؛ فهي تتناسل على حواشي المواقع الافتراضية وعلى ضفافها كما يتناسل الفطر، مكتسحة مساحات كبيرة من صفحاتها الأمامية والخلفية بالطول وبالعرض.

وقد يصل هذا الاكتساح في بعض المواقع والمنتديات والمدونات حدا كبيرا تمتزج معه مواد تلك المواقع الأصلية المكتوبة أو المصورة مع المواد الإعلانية المختلفة في أحجامها وأشكالها وأهدافها فتقفز أمام ناظري كل زائر افتراضي فجأة ودون سابق إنذار، مما قد يخلق لديه كثيرا من الارتباك والتشويش، إن لم ينصرف عن المضمون الأصلي لتلك المواقع أو المدونات لينشغل كلية ببريق تلك الإعلانات وبما وراءها.

وأمر تلك الإعلانات في واقعنا الافتراضي الجديد كأمر الإعلانات الأخرى التي ألفناها حتى مججناها على صفحات الجرائد والمجلات أو على شاشات التلفزيون أو حتى تلك المبثوثة على أمواج الراديو، فقد أصبحت الإعلانات شرا لا بد منه، يتقبله أكثرنا على مضض لما يترتب عنه من تشتيت للانتباه وحبس للأنفاس وقطع لحبال التشويق عند قراءة صفحة ورقية أو افتراضية أو متابعة برنامج شيق على الأثير المرئي أو المسموع...

ومعلوم أن كل خدمة إعلانية ليست مجانية فوراءها ما وراءها من الغايات النفعية وتحكمها مصالح مشتركة بين المُعلِن والمُعلـَن عنه والمُعلـَن له، وتضبطها مواثيق وعهود وصكوك وبنود؛ لذلك يشترط فيمن يرغب في إضافة إعلانات كوكل إلى موقعه أو مدونته أن يتوفر على بطاقة ائتمانية وأن يكون مشتركا في أحد البنوك الإلكترونية لينال نصيبه من الأرباح المستحقة عن كل إعلان أو عن كل ضغطة زر يقوم بها أحد الزوار الافتراضيين على مادة ما من المواد الإعلانية المكتوبة أو المصورة ليسهم من حيث لا يدري هو أيضا في الرفع من قيمة رصيد المُعلـِن من الفوائد ويرفع من قيمة المعلـن له من الأرباح فضلا عن الشهرة والجاه.

لقد أصبحت خدمة الإعلانات الشغل الشاغل لكثير من المدونين في هذه الأيام، لذلك تراهم يبحثون عن الطرق المختلفة لتفعيلها على صفحات مدوناتهم، ويبادرون إلى الانخراط في البنوك الإلكترونية ويعملون ما في وسعهم للحصول على بطاقة ائتمانية واحدة أو أكثر، وإذا كانت قوالب مدوناتهم كلاسيكية لا تسعفهم في ذلك فإنهم يعملون على استبدالها بقوالب جديدة تدعم الخدمات الإعلانية وتطبيقاتها البرمجية الخاصة.

وتحرص كوكل على أن تكون المواد المعلنة في هذا الموقع أو ذاك، وفي هذه المدونة أو تلك ذات صلة بالمضمون العام الأساسي لكل موقع أو مدونة، وتقدم انطباعا عاما للجميع بأن محركات البحث لديها تقوم بشكل ألي على اختيار الإعلان المناسب للموقع الافتراضي المناسب.

غير أن هذه القاعدة لا تكون مطردة فكثيرا ما تظهر بعض الإعلانات غير المرغوب فيها من جانب صاحب المدونة نفسه أو من جانب زائره مما يخلق لديهما نوعا من الحرج النفسي أو الأخلاقي بسبب عشوائية بعض الإعلانات التي تلقي بها محركات البحث بشكل اعتباطي لمجرد التشابه السطحي البعيد عن الروح والجوهر.

لقد تغيرت طبيعة المدونات العربية في كثير من أهدافها ومبادئها الأولى التي تأسست عليها أول الأمر عند انطلاقة حركة التدوين العربي، وبدأ كثير من المدونين ينساقون وراء حمى الوهم الافتراضي الزائف إما للربح المادي السريع وإما للرفع من عدد الزوار بطرق ملتوية غير مقبولة.

ترى هل بدأ التدوين العربي يدخل مرحلة التشييىء حيث المعروض الافتراضي لا يعدو أن يكون من بقية الأشياء الأخرى العادية المعروضة للبيع في كل زمان ومكان؟. ولكن، عبر بوابات الإنترنت الربحية هذه المرة، بدل الأسواق التجارية الممتازة أو حتى الحوانيت المصفوفة في دروبنا العربية الضيقة.

وفي هذا الفضاء الافتراضي العالمي الجديد الذي نعيشه الآن صار الكل يبيع ويشتري وصار الكل يعرض و يتفرج في نفس الوقت والآن.

ليست هناك تعليقات: