الخميس، 25 ديسمبر 2008

مدونة للبيع ...!!

وصلتني هذا الأسبوع رسالة غريبة عبر البريد المزعج من شخص مجهول يطلب فيها مني أن أبيعه هذه المدونة التي أسميتها (كلمات عابرة)...!!
ومع أن البريد المزعج وغير المزعج يحمل إلينا في كل يوم رسائل عجيبة غريبة فإني لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن ترد علي رسالة من هذا القبيل.

وقد ترددت كثيرا في فتح هذه الرسالة المزعجة مخافة أن أصطدم بلغم من الألغام التي يضعها أصحاب البريد المزعج في الطرقات الافتراضية السيارة لاصطياد ضحاياهم، وترددت أكثر في الكتابة حول هذا الموضوع الغريب الذي قد يبدو للبعض غير ذي جدوى، أو نوعا من المزاح الثقيل والمداعبة السخيفة، وخاصة عندما يمعن أحدنا في تجاوز خصوصيات الآخر، أو يطلب منه أمرا بعيد المنال، بل لا يمكن أن يخطر حتى على البال..

وفي العادة فإن رسائل البريد المزعج هي التي يطلب فيها أصحابها منا أن نشتري شيئا بل لنقل أي شيء؛ من حبوب الفياغرا إلى السيارات إلى عروض السياحة والسفر والجنس.... وحتى نطاقات المواقع بسعة هائلة غير محدودة وقوالب جاهزة ذات تصميمات فلاشية جذابة للكتابة والتدوين، فضلا عن رسائل التسول التي ينتحل فيها أصحابها أسماء مستعارة تحيل في الواقع على أماكن وبلدان وشركات وشخصيات ... وربما كان بعضها معروفا جدا، ومنها تلك الرسالة المشهورة في عالم التسول الافتراضي التي انتحلت اسم سهى عرفات ...

ولكن، إذا نظرنا إلى جوانب هذا الموضوع من الناحية المنطقية ومن جوانب العلاقات النفعية التي تكون عادية بين الطالِب والمطالَب والمطلُوب، ألا يدور في خلد بعض المدونين مثل هذا التساؤل الذي وردني عبر البريد المزعج؟، أليس من حق المدونين أن ينتفعوا في حياتهم ببنات أفكارهم مثلهم مثل غيرهم من الكتاب والصحفيين المأجورين وغير المأجورين وحتى كتاب كلمات الأغاني البذيئة والوصلات الإشهارية الردئية وغير هولاء ممن يسترزقون من مداد أقلامهم ومما تجود به قرائحهم الفذة وغير الفذة، بالصدق أو البهتان تارة، وبالمعقول واللمعقول، وحتى بالجنون والهذيان تارة أخرى...

وفعلا، هناك فئة قليلة من المدونين استطاعت أن تستثمر في التدوين وأن تتبع استراتيجية عملية لجلب الربح عن طريق تقديم عروض مشاريع أو استثمارات أو خطط أو برامج أو تصميمات، وخاصة عند أصحاب المدونات التقنية الذين لهم باع طويل في علم الحوسبة والبرمجة بلغاتها الفنية والتقنية المتعددة.

وشخصيا لا أجد لدي الآن أي مبرر للتفكير في موضوع بيع مدونتي (كلمات عابرة) بالجملة أو التقسيط عنوانا عنوانا إو إدراجا إدراجا، بل لا يحق لي مجرد التفكير في هذا الموضوع أصلا. لأنني اخترت منذ البدء أن أُسكن كلماتي العابرة في موقع مشترك، يجري علي فيه ما يجري على غيري من المدونين المُنتسبين من أصول العيش المشترك والمرفق العام الذي لا يجوز في حقه لا الرهن ولا الكراء فضلا عن المتاجرة والمساومة والبيع.

أحمد الله أنني كلما طلبت مدونتي عند مطلع كل يوم جديد عبر خطوط الاتصال الوطنية إلا وجاءتني بصفحتها مسرعة ملبية لتقول لي : هل من مزيد، هل من جديد.... !!

وعندها يطمئن قلبي وأعلم أن مظلة التدوين العربي المنتسب التي تؤويني وتؤوي غيري لا زالت بخير، وأنها لم تتعرض إلى اختراق أو حجب أو سحب أو رجم بالصواريخ الناسفة من قبل وزاراتنا العربية في الأمن والداخلية.

ليست هناك تعليقات: