الخميس، 5 فبراير 2009

إذا ما طغى الماء… !!

كنت في فاتح نوفمبر الماضي قد كتبت إدراجا تحت عنوان: “هل سيستعيد المغرب دورته المناخية الممطرة.. ؟ !!“.
ومنذ ذلك الوقت إلى حدود هذه الساعة التي أكتب فيها هذا الإدراج، ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر عرف المغرب بحمد الله وفضله ولا يزال تساقطات مطرية وثلجية هائلة لم يعهد لها المغرب نظيرا منذ عهود كثيرة خلت يقدرها بعض المعمرين المغاربة الذين أمد الله في عمرهم حتى هذه اللحظة بما يزيد عن نصف قرن أو أكثر.

ومع أن عموم المغاربة قد استبشروا خيرا بهذا الخير العميم، غير أن طفح الماء الزائد عن الحاجة جعل كثيرا من السهول والأراضي الواطئة مهددة بالغمر والفيضان، وخاصة بعد امتلأت كثير من السدود عن آخرها وعجزت عن احتجاز كل هذه المياه المتدفقة عبر الأنهار والجداول.
وما أحداث فيضان وادي بهت بعد عجز سد القنصرة عن كبح جماح مياهه التي أبت إلا أن تتجاوز حاجز السد العلوي، وتتفوق على الإسمنت والخرسانة لتغمر مساحات زراعية شاسعة بمنطقة الغرب و تغرق تجمعات سكنية قروية وحضرية مجاورة للوادي كمدينة سيدي سليمان.

لقد كشفت أمطار الخير هذه عن هشاشة المغرب غير النافع، حيث بقيت كثير من القرى والمداشر المنسية وراء التلال والجبال معزولة بعد انهيار الجسور والقناطر التي جرفتها السيول، لتبقى إلى أن يشاء الله منكوبة في عيشها وماشيتها وبيوتها الطينية.

وحتى الأحياء الهامشية في كبريات المدن المغربية لم تسلم معظم دورها الآيلة للسقوط من الانهيار؛ فكانت هذه الأمطار المباركة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير المغربي المتهالك في بنيته التحتية وما تحت التحتية إلى درجة الصفر والعدم فعرت بالمكشوف عن مغرب الترقيع والتلفيق وعن مغرب النفاق والمراء، فإذا ما طغى الماء انكشف الغطاء وتبن ما طبخ خلسة في الإناء…